انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك
مَا أُبِيحَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ صلى الله عليه وسلم
مَا أُبِيحَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ صلى الله عليه وسلم
1الوِصَالُ فِي الصَّوْمِ:
بَعَثَ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَسَكَبَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَفِي خُلُقِهِ مِنَ الإِينَاسِ وَالْبِرِّ وَفِي طَبْعِهِ مِنَ السُّهُولَةِ وَالرِّفْقِ وَفِي يَدِهِ مِنَ السَّخَاوَةِ وَالنَّدَى مَا جَعَلَهُ أَزْكَى عِبَادِ اللهِ رَحْمَةً وَأَوْسَعَهُمْ عَاطِفَةً وأَرْحَبَهُمْ صَدْرًا.
قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}(1) .
وَقَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيِهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}(2).
فَجَاءَتْ شَرِيعَتُهُ مَبْنِيَّةً عَلَى التَّيْسِيرِ وَالسُّهُولَةِ وَالتَّخْفِيفِ وَالرَّحْمَةِ وَرَفْعِ الْحَرَجِ وَالآصَارِ وَالأَغْلاَلِ مَا يُلاَئِمُ اخْتِلاَفَ الأَجْيَالِ وَحَاجَاتِ الْعُصُورِ وَشَتَّى الْبِقَاعِ. فَمِنْ ذَلِكَ نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ عَنْ مُوَاصَلَةِ صَوْمِ يَوْمَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ بَيْنَهُمَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَحُصُولِ الْمَفْسَدَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْوِصَالِ وَهِيَ الْمَلَلُ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالتَّعَرُّضُ لِلتَّقْصِيرِ فِي بَعْضِ وَظَائِفِ الدِّينِ.بَيْنَمَا كَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا لَهُ صلى الله عليه وسلم خُصُوصِيَّةً لَهُ دُونَ أُمَّتِهِ.
فَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ]لاَ تُواصِلُوا]. قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ: [لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى](3) .
- وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-؛ قَالَتْ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ. فَقَالُوا: إِنَّكَ تُواصِلُ. قَالَ: [إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي(1) وَيَسْقِينِ](4) .
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: وَاسْتُدِلَّ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّ الْوِصَالَ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أَنَّ غَيْرَهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ إِلاَّ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّرْخِيصُ مِنَ الإِذْنِ فِيهِ إِلَى السَّحَرِ](3) .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: الْوِصَالُ مِنَ الْخَصَائِصِ الَّتِي أُبِيحَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وُحُرِّمَتْ عَلَى الأُمَّةِ](4) .
(1) سورة الأنبياء: آية (7).
(2) سورة التوبة: آية (8).
(3) رواه البخاري
(4) رواه البخاري
2الزَّوَاجُ مِنْ غَيْرِ وَلِيٍّ وَلاَ شُهُودٍ:
عُنِيَ الإِسْلاَمُ عِنَايَةً كَبِيرَةً بِالأُسْرَةِ، فَالأُسْرَةُ هِيَ أَسَاسُ كِيَانِ الْمُجْتَمَعِ الإِسْلاَمِيِّ مِنْ مَجْمُوعِهَا يَتَكَوَّنُ الْمُجْتَمَعُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الأُسْرَةَ إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْمُجْتَمَعُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْمُجْتَمَعُ وَحَيْثُ إِنَّ الزَّوَاجَ هُوَ السَّبِيلُ الْمَشْرُوعُ لِتَكْوِينِ الأُسْرَةِ وَبَقَاءِ الْجِنْسِ الْبَشَرِيِّ، فَقَدْ رَغَّبَ فِيهِ الإِسْلاَمُ وَحَثَّ عَلَيْهِ وَشَرَعَ لَهُ أَحْكَامًا مُعَيَّنَةً تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا لِهَذِهِ الْعَلاَقَةِ عَلاَقَةِ الزَّوَاجِ وَمِنْ هَذِهِ الأَحْكَامِ، مُوافَقَةُ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوَاجِهَا وَهُوَ
شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ.
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ "(1)
فَعَقْدُ النِّكَاحِ لاَ يُهِمُّ الْمَرْأَةَ وَحْدَهَا بَلْ يُهِمُّ وَلِيَّهَا وَعَائِلَتَهَا، وَالضَّرَرُ الَّذِي يَلْحَقُهَا بِسَبَبِ سُوءِ اخْتَيارِهَا يَنْسَحِبُ إِلَى عَائِلَتِهَا وَعَلَى رَأْسِهِمْ وَلِيُّهَا كَالأَبِ والأَخِ. وَلِهَذَا فَلاَبُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلْوَلِيِّ رَأْيٌ مَسْمُوعٌ فِي زَوَاجِهَا، وَكَمَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ مُوَافَقَةُ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ، كَذَلِكَ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الشُّهُودِ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِكَيْ يُعْرَفَ الْعَقْدُ وَيَشِيعَ وَتُحْفَظَ حُقُوقُ الْمَرْأَةِ، وَيُؤْمَنَ الْجُحُودُ.
وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيِّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ "(2) .
وَقَدِ انْفَرَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أُمَّتِهِ فِي هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ؛ فَأَبَاحَ اللهُ تَعَالَى لَهُ الزَّوَاجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَلاَ شُهُودٍ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: " إِنَّمَا اعْتُبِرَ الْوَلِيُّ فِي نِكَاحِ الأَمَةِ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْكَفَاءةِ، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم فَوْقَ الأَكْفَاءِ، وَإِنَّمَا اعْتُبِرَ الشّهُودُ لأَمْنِ الْجُحُودِ وَهُوَ صلى الله عليه وسلم لاَ يَجْحَدُ.
وَبُرْهَانُ هَذَا الْحُكْمِ فِي حَقِّهِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-
" أَنَّهَا كَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ: [زَوَّجَكُنَّ أَهْلِيكُنَّ وَزَوَّجَنِيَ اللهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ"(3) .
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيٌّ فِي شَرْحِهِ عَلَى حَدِيثِ مُسْلِمٍ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:
" مَا أَوْلَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أَكْثَرَ أَوْ أَفْضَلَ مِمَّا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ ".
قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: [يُحْتَمَلُ أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ الشُّكْرُ لِنِعْمَةِ اللهِ فِي أَنَّ اللهَ تَعَالَى زَوَّجَهُ إِيَّاهَا بِالْوَحْيِ لاَ بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ بِخِلاَفِ غَيْرِهَا. وَمَذْهَبُنَا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا صِحَّةُ نِكَاحِهِ صلى الله عليه وسلم بِلاَ وَلِيٍّ وَلاَ شُهُودٍ
لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم](4) .
(1) رواه أبو داود
(2) رواه البيهقي في السنن الكبرى
(3) رواه البخاري
(4) انظرشرح النووي على صحيح مسلم
3الجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ:
شَرَعَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِعِبَادِهِ النِّكَاحَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ الْعَظِيمَةِ وَالْحِكَمِ الْجَسِيمَةِ، فَمِنْ ذَلِكَ: الإِبْقَاءُ عَلَى النَّوْعِ الإِنْسَانِيِّ، وَالتَّحَصُّنُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَكَسْرُ التَّوَقَانِ وَدَفْعُ غَوَائِلِ الشَّهْوَةِ، وَغَضُّ الْبَصَرِ وَحِفْظُ الْفَرْجِ، وَتَرْوِيحُ النَّفْسِ وَإِينَاسُهَا بِمَا أَبَاحَهُ اللهُ لِتَقْوَى وَتَنْشَطَ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَمُجَاهَدَةُ النَّفْسِ وَرِيَاضَتُهَا بِالرِّعَايَةِ وَالْوِلاَيَةِ وَالْقِيَامُ بِحُقُوقِ الأَهْلِ، وَالاِجْتِهَادُ فِي كَسْبِ الْحَلاَلِ، وَالْعِنَايَةُ بِتَرْبِيَةِ الأَوْلاَدِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْحِكَمِ والأَسْرَارِ. وَقَدْ جَاءَتِ الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةُ مُبِيحَةً الْجَمْعَ بَيْنَ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَمُحَرِّمَةً الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ لآحَادِ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}(1) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: " إِنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ امْتِنَانٍ وَإِبَاحَةٍ فَلَوْ كَانَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لَذَكَرَهُ "(2)
وَلَمَّا أَسْلَمَ غَيْلاَنُ بْنُ سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُنِسْوَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ]اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا](3).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: ]دَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُبَيِّنَةُ عَنِ اللهِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأَحَدٍ غَيْرِ رَسُولِ اللهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَمِنَ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ].
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ: " وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِي مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ "(4) .
فَهَذَا الْحُكْمُ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الأُمَّة، وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ؛
سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ الْقُرَشِيَّةِ، وَعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍالْقُرَشِيَّةِ، وَأُمِّ سَلَمَةَ هِنْدٍ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ الْقُرَشِيَّةِ، وَحَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ الْقُرَشِيَّةِ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ الأَسَدِيَّةِ، وَجُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْمُصْطَلِقِيَّةِ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ رَمْلَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ الْقُرَشِيَّةِ، وَصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ النَّضْيرِيَّةِ، وَمَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْهِلاَلِيَّةِ.
(1) سورة النساء: آية (2، 3).
(2) انظر تفسير ابن كثير (1/0).
(3) رواه أبو داود برقم (1)
(4) انظر تفسير ابن كثير (1/0).
4بَدْءُ الْقِتَالِ بِالْبَلَدِ الأَمِينِ:
شَرَّفَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أُمَّ الْقُرَى الْبَلَدَ الْحَرَامَ وَفَضَّلَهَا وَاخْتَارَهَا وَخَصَّهَا بِخَصَائِصَ وَمَزَايَا لَيْسَتْ لِغَيْرِهَا مِنْ بِقَاعِ الدُّنْيَا فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ بِهَا بَيْتَهُ الْعَتِيقَ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لِعِبَادَتِهِمْ وَنُسُكِهِمْ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَصَلُّونَ إِلَيْهِ وَيَعْتَكِفُونَ عِنْدَهُ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا. وَجَعَلَهُ مَثَابَةً لِلنَّاسِ يَثُوبُونَ إِلَيْهِ عَلَى تَعَاقُبِ الأَعْوَامِ مِنْ جَمِيعِ الأَقْطَارِ وَلاَ يَقْضُونَ مِنْهُ وَطَرًا بَلْ كُلَّمَا ازْدَادُوا لَهُ زِيَارَةً ازْدَادُوا لَهُ اشْتِيَاقًا.
لاَ يَرْجِعُ الطَّرْفُ عَنْهَا حِينَ يَنْظُرُهَا……حَتَّى يعُودَ إِلَيْهَا الطَّرْفُ مُشْتَاقَا
فَلِلَّهِ كَمْ أُنْفِقَ فِي حُبِّهَا مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَرْوَاحِ وَرَضِيَ الْمُحِبُّ بِمُفَارَقَةِ الأَهْلِ وَالأَحْبَابِ والأَوْطَانِ. جَعَلَ عَرَصَاتِهَا مَنَاسِكَ لِعِبَادِهِ فَرَضَ عَلَيْهِمْ قَصْدَهَا وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِ الإِسْلاَمِ. وَأَخْبَرَ أَنَّهَا أُمُّ الْقُرَى فَالْقُرَى كُلُّهَا تَبَعٌ لَهَا وَفَرْعٌ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهَا فِي الْقُرَى عَدِيلٌ إِنَّهَا بَلَدٌ حَرَامٌ حَرَّمَهَا اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فَالْقِتَالُ فِيهَا لاَ يَحِلُّ وَلاَ يَجُوزُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهَا.
وَقَدْ أَبَاحَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ عَامَ الْفَتْحِ سَاعَةً مِنْ نَهَار فَدَخَلَهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَقَتلَ مِنْ أَهْلِهَا يَوْمَئِذٍ نَحْوَ عِشْرِينَ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ،
مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ صلى الله عليه وسلم فِي خُطْبَتِهِ صَبِيحَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَيْثُ قَالَ:
" إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ. فَلاَ يَحِلُّ لامْرئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلاَ يُعْضَدُ(1) بِهَا شَجَرَةٌ. فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأَذَنْ لَكُمْ. وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ. وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ(2)
مَا أُبِيحَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ صلى الله عليه وسلم
مَا أُبِيحَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ صلى الله عليه وسلم
1الوِصَالُ فِي الصَّوْمِ:
بَعَثَ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَسَكَبَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَفِي خُلُقِهِ مِنَ الإِينَاسِ وَالْبِرِّ وَفِي طَبْعِهِ مِنَ السُّهُولَةِ وَالرِّفْقِ وَفِي يَدِهِ مِنَ السَّخَاوَةِ وَالنَّدَى مَا جَعَلَهُ أَزْكَى عِبَادِ اللهِ رَحْمَةً وَأَوْسَعَهُمْ عَاطِفَةً وأَرْحَبَهُمْ صَدْرًا.
قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}(1) .
وَقَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيِهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}(2).
فَجَاءَتْ شَرِيعَتُهُ مَبْنِيَّةً عَلَى التَّيْسِيرِ وَالسُّهُولَةِ وَالتَّخْفِيفِ وَالرَّحْمَةِ وَرَفْعِ الْحَرَجِ وَالآصَارِ وَالأَغْلاَلِ مَا يُلاَئِمُ اخْتِلاَفَ الأَجْيَالِ وَحَاجَاتِ الْعُصُورِ وَشَتَّى الْبِقَاعِ. فَمِنْ ذَلِكَ نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ عَنْ مُوَاصَلَةِ صَوْمِ يَوْمَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ بَيْنَهُمَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَحُصُولِ الْمَفْسَدَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْوِصَالِ وَهِيَ الْمَلَلُ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالتَّعَرُّضُ لِلتَّقْصِيرِ فِي بَعْضِ وَظَائِفِ الدِّينِ.بَيْنَمَا كَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا لَهُ صلى الله عليه وسلم خُصُوصِيَّةً لَهُ دُونَ أُمَّتِهِ.
فَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ]لاَ تُواصِلُوا]. قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ: [لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى](3) .
- وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-؛ قَالَتْ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ. فَقَالُوا: إِنَّكَ تُواصِلُ. قَالَ: [إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي(1) وَيَسْقِينِ](4) .
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: وَاسْتُدِلَّ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّ الْوِصَالَ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أَنَّ غَيْرَهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ إِلاَّ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّرْخِيصُ مِنَ الإِذْنِ فِيهِ إِلَى السَّحَرِ](3) .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: الْوِصَالُ مِنَ الْخَصَائِصِ الَّتِي أُبِيحَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وُحُرِّمَتْ عَلَى الأُمَّةِ](4) .
(1) سورة الأنبياء: آية (7).
(2) سورة التوبة: آية (8).
(3) رواه البخاري
(4) رواه البخاري
2الزَّوَاجُ مِنْ غَيْرِ وَلِيٍّ وَلاَ شُهُودٍ:
عُنِيَ الإِسْلاَمُ عِنَايَةً كَبِيرَةً بِالأُسْرَةِ، فَالأُسْرَةُ هِيَ أَسَاسُ كِيَانِ الْمُجْتَمَعِ الإِسْلاَمِيِّ مِنْ مَجْمُوعِهَا يَتَكَوَّنُ الْمُجْتَمَعُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الأُسْرَةَ إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْمُجْتَمَعُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْمُجْتَمَعُ وَحَيْثُ إِنَّ الزَّوَاجَ هُوَ السَّبِيلُ الْمَشْرُوعُ لِتَكْوِينِ الأُسْرَةِ وَبَقَاءِ الْجِنْسِ الْبَشَرِيِّ، فَقَدْ رَغَّبَ فِيهِ الإِسْلاَمُ وَحَثَّ عَلَيْهِ وَشَرَعَ لَهُ أَحْكَامًا مُعَيَّنَةً تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا لِهَذِهِ الْعَلاَقَةِ عَلاَقَةِ الزَّوَاجِ وَمِنْ هَذِهِ الأَحْكَامِ، مُوافَقَةُ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوَاجِهَا وَهُوَ
شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ.
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ "(1)
فَعَقْدُ النِّكَاحِ لاَ يُهِمُّ الْمَرْأَةَ وَحْدَهَا بَلْ يُهِمُّ وَلِيَّهَا وَعَائِلَتَهَا، وَالضَّرَرُ الَّذِي يَلْحَقُهَا بِسَبَبِ سُوءِ اخْتَيارِهَا يَنْسَحِبُ إِلَى عَائِلَتِهَا وَعَلَى رَأْسِهِمْ وَلِيُّهَا كَالأَبِ والأَخِ. وَلِهَذَا فَلاَبُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلْوَلِيِّ رَأْيٌ مَسْمُوعٌ فِي زَوَاجِهَا، وَكَمَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ مُوَافَقَةُ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ، كَذَلِكَ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الشُّهُودِ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِكَيْ يُعْرَفَ الْعَقْدُ وَيَشِيعَ وَتُحْفَظَ حُقُوقُ الْمَرْأَةِ، وَيُؤْمَنَ الْجُحُودُ.
وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيِّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ "(2) .
وَقَدِ انْفَرَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أُمَّتِهِ فِي هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ؛ فَأَبَاحَ اللهُ تَعَالَى لَهُ الزَّوَاجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَلاَ شُهُودٍ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: " إِنَّمَا اعْتُبِرَ الْوَلِيُّ فِي نِكَاحِ الأَمَةِ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْكَفَاءةِ، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم فَوْقَ الأَكْفَاءِ، وَإِنَّمَا اعْتُبِرَ الشّهُودُ لأَمْنِ الْجُحُودِ وَهُوَ صلى الله عليه وسلم لاَ يَجْحَدُ.
وَبُرْهَانُ هَذَا الْحُكْمِ فِي حَقِّهِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-
" أَنَّهَا كَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ: [زَوَّجَكُنَّ أَهْلِيكُنَّ وَزَوَّجَنِيَ اللهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ"(3) .
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيٌّ فِي شَرْحِهِ عَلَى حَدِيثِ مُسْلِمٍ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:
" مَا أَوْلَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أَكْثَرَ أَوْ أَفْضَلَ مِمَّا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ ".
قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: [يُحْتَمَلُ أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ الشُّكْرُ لِنِعْمَةِ اللهِ فِي أَنَّ اللهَ تَعَالَى زَوَّجَهُ إِيَّاهَا بِالْوَحْيِ لاَ بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ بِخِلاَفِ غَيْرِهَا. وَمَذْهَبُنَا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا صِحَّةُ نِكَاحِهِ صلى الله عليه وسلم بِلاَ وَلِيٍّ وَلاَ شُهُودٍ
لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم](4) .
(1) رواه أبو داود
(2) رواه البيهقي في السنن الكبرى
(3) رواه البخاري
(4) انظرشرح النووي على صحيح مسلم
3الجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ:
شَرَعَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِعِبَادِهِ النِّكَاحَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ الْعَظِيمَةِ وَالْحِكَمِ الْجَسِيمَةِ، فَمِنْ ذَلِكَ: الإِبْقَاءُ عَلَى النَّوْعِ الإِنْسَانِيِّ، وَالتَّحَصُّنُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَكَسْرُ التَّوَقَانِ وَدَفْعُ غَوَائِلِ الشَّهْوَةِ، وَغَضُّ الْبَصَرِ وَحِفْظُ الْفَرْجِ، وَتَرْوِيحُ النَّفْسِ وَإِينَاسُهَا بِمَا أَبَاحَهُ اللهُ لِتَقْوَى وَتَنْشَطَ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَمُجَاهَدَةُ النَّفْسِ وَرِيَاضَتُهَا بِالرِّعَايَةِ وَالْوِلاَيَةِ وَالْقِيَامُ بِحُقُوقِ الأَهْلِ، وَالاِجْتِهَادُ فِي كَسْبِ الْحَلاَلِ، وَالْعِنَايَةُ بِتَرْبِيَةِ الأَوْلاَدِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْحِكَمِ والأَسْرَارِ. وَقَدْ جَاءَتِ الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةُ مُبِيحَةً الْجَمْعَ بَيْنَ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَمُحَرِّمَةً الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ لآحَادِ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}(1) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: " إِنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ امْتِنَانٍ وَإِبَاحَةٍ فَلَوْ كَانَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لَذَكَرَهُ "(2)
وَلَمَّا أَسْلَمَ غَيْلاَنُ بْنُ سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُنِسْوَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ]اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا](3).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: ]دَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُبَيِّنَةُ عَنِ اللهِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأَحَدٍ غَيْرِ رَسُولِ اللهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَمِنَ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ].
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ: " وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِي مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ "(4) .
فَهَذَا الْحُكْمُ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الأُمَّة، وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ؛
سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ الْقُرَشِيَّةِ، وَعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍالْقُرَشِيَّةِ، وَأُمِّ سَلَمَةَ هِنْدٍ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ الْقُرَشِيَّةِ، وَحَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ الْقُرَشِيَّةِ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ الأَسَدِيَّةِ، وَجُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْمُصْطَلِقِيَّةِ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ رَمْلَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ الْقُرَشِيَّةِ، وَصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ النَّضْيرِيَّةِ، وَمَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْهِلاَلِيَّةِ.
(1) سورة النساء: آية (2، 3).
(2) انظر تفسير ابن كثير (1/0).
(3) رواه أبو داود برقم (1)
(4) انظر تفسير ابن كثير (1/0).
4بَدْءُ الْقِتَالِ بِالْبَلَدِ الأَمِينِ:
شَرَّفَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أُمَّ الْقُرَى الْبَلَدَ الْحَرَامَ وَفَضَّلَهَا وَاخْتَارَهَا وَخَصَّهَا بِخَصَائِصَ وَمَزَايَا لَيْسَتْ لِغَيْرِهَا مِنْ بِقَاعِ الدُّنْيَا فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ بِهَا بَيْتَهُ الْعَتِيقَ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لِعِبَادَتِهِمْ وَنُسُكِهِمْ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَصَلُّونَ إِلَيْهِ وَيَعْتَكِفُونَ عِنْدَهُ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا. وَجَعَلَهُ مَثَابَةً لِلنَّاسِ يَثُوبُونَ إِلَيْهِ عَلَى تَعَاقُبِ الأَعْوَامِ مِنْ جَمِيعِ الأَقْطَارِ وَلاَ يَقْضُونَ مِنْهُ وَطَرًا بَلْ كُلَّمَا ازْدَادُوا لَهُ زِيَارَةً ازْدَادُوا لَهُ اشْتِيَاقًا.
لاَ يَرْجِعُ الطَّرْفُ عَنْهَا حِينَ يَنْظُرُهَا……حَتَّى يعُودَ إِلَيْهَا الطَّرْفُ مُشْتَاقَا
فَلِلَّهِ كَمْ أُنْفِقَ فِي حُبِّهَا مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَرْوَاحِ وَرَضِيَ الْمُحِبُّ بِمُفَارَقَةِ الأَهْلِ وَالأَحْبَابِ والأَوْطَانِ. جَعَلَ عَرَصَاتِهَا مَنَاسِكَ لِعِبَادِهِ فَرَضَ عَلَيْهِمْ قَصْدَهَا وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِ الإِسْلاَمِ. وَأَخْبَرَ أَنَّهَا أُمُّ الْقُرَى فَالْقُرَى كُلُّهَا تَبَعٌ لَهَا وَفَرْعٌ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهَا فِي الْقُرَى عَدِيلٌ إِنَّهَا بَلَدٌ حَرَامٌ حَرَّمَهَا اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فَالْقِتَالُ فِيهَا لاَ يَحِلُّ وَلاَ يَجُوزُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهَا.
وَقَدْ أَبَاحَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ عَامَ الْفَتْحِ سَاعَةً مِنْ نَهَار فَدَخَلَهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَقَتلَ مِنْ أَهْلِهَا يَوْمَئِذٍ نَحْوَ عِشْرِينَ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ،
مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ صلى الله عليه وسلم فِي خُطْبَتِهِ صَبِيحَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَيْثُ قَالَ:
" إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ. فَلاَ يَحِلُّ لامْرئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلاَ يُعْضَدُ(1) بِهَا شَجَرَةٌ. فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأَذَنْ لَكُمْ. وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ. وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ(2)
الأربعاء أكتوبر 10, 2018 11:21 am من طرف salmosa1
» موسوعة شيلان كروشية بالباترون
الخميس سبتمبر 06, 2018 8:24 pm من طرف ام ايه والى
» الحروف العربية ( الأبجدية ) مع الصور للتلوين
الخميس فبراير 08, 2018 2:14 pm من طرف يحيي
» أكثر من 30 رسمة للتلوين لغرس السلوكيات الإسلامية
الجمعة يناير 26, 2018 6:55 am من طرف wided-algerie
» نمي مهارات طفلك الحسابية واليدوية مع لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة
الإثنين يناير 22, 2018 3:53 pm من طرف أم بناتها
» كتيب اعمال يدويةو فنية للاطفال
السبت يناير 20, 2018 2:11 am من طرف wided-algerie
» موسوعة كوفيات الكروشية (crochet scarfs ) بالباترون
الثلاثاء يناير 16, 2018 9:58 pm من طرف yokeioa
» لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة لتنمية ذكاء الاطفال
الأحد يناير 07, 2018 2:34 pm من طرف أم بناتها
» جاكيت طويل شتوي بالكروشية مع الباترون
الخميس يناير 04, 2018 7:24 pm من طرف atikaaa
» علب مناديل بالخرز 3 موديلات بالباترون
الأربعاء يونيو 07, 2017 5:11 am من طرف فتح الفتوح
» توب كله انوووووووووووثه من عمل ايديك
السبت مايو 20, 2017 8:36 pm من طرف ام ايه والى
» 6 مفارش كروشية مستديرة وخطيرة بالباترون
السبت مايو 20, 2017 8:31 pm من طرف ام ايه والى
» من بنطلون قديم وتيشرت اعملي توب راااااائع كله انوووووثه
السبت مايو 20, 2017 8:27 pm من طرف ام ايه والى
» 4 وحدات يعملوا جيليه رووووووعة بالكروشية مع الباترون
السبت مايو 20, 2017 8:14 pm من طرف ام ايه والى
» جيليه يضفي على ملابسك شياااااااااكة كروشية بالباترون
السبت مايو 20, 2017 7:45 pm من طرف ام ايه والى
» باليرو ررررررررررررررقة كروشية بالباترون
السبت أبريل 22, 2017 4:59 am من طرف Aya tarek
» الأرقام الانجليزية من ( 1 - 10 ) للتلوين
السبت أبريل 08, 2017 1:18 am من طرف vimto
» 4 مفارش ايتامين لها حواف كروشية خطيرررررررة بالباترون
الإثنين مارس 27, 2017 5:07 am من طرف شعاع النور
» موسوعة وحدات كروشية على شكل أدوات مطبخ بالباترون
الإثنين مارس 20, 2017 6:48 pm من طرف ام الحنون
» شنطة حلوووووة من تيشيرت قديم
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:48 pm من طرف ماردين
» تفنني بخياطه فستان ناعم لنفسك بدون باترون والطريقة بالفيديو
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:46 pm من طرف ماردين
» خياطة تنورة قصيرة بكرانيش بدون باترون آخر انوووووثة ( فيديو )
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:24 pm من طرف ماردين
» من بوكسر زوجك اعملي تنورة امووووووووورة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:21 pm من طرف ماردين
» التيشيرت الساحر فصلي منه 10 موديلات منتهى البساطة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 5:56 pm من طرف ماردين
» لون وتعلم المحافظة على آداب الطعام
السبت فبراير 25, 2017 9:12 pm من طرف هدى ؟؟؟؟