انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك انصر نبيك
مَا اخْتُصَّ بِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أُمَّتِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالكَرَامَاتِ
مَا اخْتُصَّ بِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أُمَّتِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالكَرَامَاتِ
1عِصْمَةٌ فِي الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ:
كَانَ صلى الله عليه وسلم مَعْصُومًا فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ لاَ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَدَاءِ الرِّسَالَةِ وَلاَ يُقَرُّ عَلَيْهِ بَلْ يَنْزِلُ الْوَحْيُ بِتَصْحِيحِهِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}(1) .
وَهَذَا مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ هُوَ والأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ. بِخِلاَفِ سَائِرِ أُمَّتِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ مُنْفَرِدًا. أَمَّا إِذَا اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فَلاَ يَرِدُ عَلَيْهِمُ الْخَطَأُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:
]إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَجَارَ أُمَّتِي أَنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلاَلَةٍ(3).
(1) سورة النجم: الآيات (1).
2مَنِ اسْتَهَانَ بِهِ أَوْ سَبَّهُ كَفَرَ:
تَضَافَرَتِ الأَدِلَّةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَةِ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ مُوَضِّحَةً وَمُجَلِّيَةً مَا يَجِبُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحُقُوقِ وَمَا يَتَعَيَّنُ لَهُ مِنْ بِرٍّ وَتَوْقِيرٍ وَإِكْرَامٍ وَتَعْظِيمٍ وَمِنْ أَجْلِ هَذَا حَرَّمَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذَاهُ فِي كِتَابِهِ وَأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى قَتْلِ مُنْتَقِصِهِ وَسَابِّهِ.
قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}(1) .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(2) .
فَكُلُّ مَنِ اسْتَهَانَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ سَبَّهُ أَوْ عَابَهُ أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا فِي نَفْسِهِ أَوْ نَسَبِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِهِ أَوْ عَرَّضَ بِهِ أَوْ شَبَّهَهُ بِشَيْءٍ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ لَهُ أَوِ الإِزْرَاءِ عَلَيْهِ أَوِ التَّصْغِيرِ لِشَأْنِهِ أَوِ الْغَضِّ مِنْهُ وَالْعَيْبِ لَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ كُفْرًا.
وَالأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مِنْهَا:
- مَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-؛
" أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ، تَشْتُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا فَلا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلاَ تَنْزَجِرُ . قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَع فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَشْتُمُهُ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ(3) فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا، وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا، فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ، فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: [أَنْشُدُاللهَ رَجُلاً فَعَلَ مَا فَعَلَ، لِي عَلَيْهِ حَقٌّ، إِلاَّ قَامَ فَقَامَ الأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ، وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلاَ تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلاَ تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَتِ الْبَارِحَةُ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ علَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَلاَ اشْهَدُوا: أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ](4) .
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ؛ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ فَتَغَيَّظَ عَلَى رَجُلٍ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: تَأْذَن لِي يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: فَأَذْهَبَتْ كَلِمَتِي غَضَبَهُ، فَقَامَ فَدَخَلَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَقَالَ: مَا الَّذِي قُلْتَ آنِفًا؟ قُلْتُ: ائْذَنْ لِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ: أَكُنْتَ فَاعِلاً لَوْ أَمَرْتُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: لاَ وَاللهِ مَا كَانَتْ لِبَشَرٍ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ](5) .
وَأَمَّا الإِجْمَاعُ : فَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ -رَحِمَهُ اللهُ-:
أَجْمَعَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْم عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُقْتَلُ] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ -رَحِمَهُ اللهُ-:
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ شَاتِمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمُتَنَقِّصَ لَهُ كَافِرٌ وَالْوَعِيدُ جَارٍ عَلَيْهِ بِعَذَابِ اللهِ لَهُ وَحُكْمُهُ عِنْدَ الأُمَّةِ الْقَتْلُ] .
وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَنَقَلَ الإِجْمَاعَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(1) سورة الأحزاب آية (7).
(2) سورة التوبة آية (1).
(3)المغول سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه
(4) سنن أبي داود برقم (1) وصححه الألباني
(5) رواه أبو داود في سننه بإسناد صحيح
3الكَذِبُ عَلَيْهِ لَيْسَ كَالْكَذِبِ عَلَى غَيْرِهِ:
الْكَذِبُ رَذِيلَةٌ مَحْضَةٌ وَخَصْلَةٌ ذَمِيمَةٌ وَهُوَ مِنْ قَبَائِحِ الذُّنُوبِ وَفَوَاحِشِ الْعُيُوبِ وَأَقْبَحِ الصِّفَاتِ، يَقْلِبُ الْمَوَازِينَ، وَيَمْسَخُ الْحَقَائِقَ وَيُشَوِّهُ وَجْهَ الْجَمَالِ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُدَاخِلُهُ وَيُنْبِئُ عَنْ تَغَلْغُلِ الْفَسَادِ فِي نَفْسِ صَاحِبِهِ، وَيَجُرُّ بِهِ إِلَى الْفُجُورِ وَالنِّفَاقِ.قَالَ صلى الله عليه وسلم:
..وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ](1) .
وَقَالَ: ]أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: [إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ](2) .
وَمِنْ أَشَدِّ أَنْوَاعِ الْكَذِبِ وَأَشْنَعِهِ الْكَذِبُ عَلَى اللهِ تَعَالَى أَوِ الْكَذِبُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم لأَنَّهُ افْتِرَاءٌ فِي الدِّينِ، وَتَلاَعُبٌ بِشَرَائِعِ اللهِ لِعِبَادِهِ، وَتَجَرُّؤٌ عَظِيمٌ عَلَى النَّارِ. وَلِهَذَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَغْلِيظِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ مِنَ الَكَبَائِرِ وَأَنَّ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ مُتَعَمِّدًا مُسْتَجِيزًا لِذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ.
قَالَ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"(3) .
وَقَالَ: " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسَرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"(4).
وَهَذَا الْمَعْنَى: وَهُوَ تَوَعُّدُ مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّارِ. وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَمِنْ بَشَاعَةِ هَذِهِ الْجَرِيمَةِ وَشَنَاعَتِهَا أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينِ وَأَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ، أَفْتَوْا بِأَنَّ مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوْبَتُهُ مَرْدُودَةٌ وَمِنْ ثَمَّ لاَ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ، إِلاَّ أَنَّ جَمَاهِيرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلاَفِ قَوْلِهِمْ. بَيْنَمَا نَجِدُ أَنَّ مَنْ كَذَبَ عَلَى غَيْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ إِثْمًا وَفِسْقًا إِلاَّ أَنَّ تَوْبَتَهُ صَحِيحَةٌ بِالإِجْمَاعِ.
(1) رواه البخاري
(2) رواه البخاري
(3) رواه البخاري
(4) رواه البخاري
4رُؤْيَةٌ خَاصَّةٌ:
- عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-؛ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا:
يَا عَائِشُ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ. فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لاَ أَرَى](1) .
- وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ قَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لاَ تَسْمَعُونَ. إِنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ. مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلاَّ وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا للهِ. واللهِ لَوْتَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا. وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ. وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللهِ"(2)
.
- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ قَالَ:
" صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا. ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ: يَا فُلاَنُ أَلاَ تُحْسِنُ صَلاَتَكَ؟ أَلاَ يَنْظُرُ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى كَيْفَ يُصَلِّي؟ فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ. إِنِّي واللهِ لأُبْصِرُ مَنْ وَرَائِي(1) كَمَا أُبْصِرُ مَنْ بَيْنَ يَدَيَّ"(3) .
- وَعَنْهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا؟ فَوَ اللهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلاَسُجُودُكُمْ. إِنِّي لأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي"(4) .
(1) رواه البخاري
(2) حسنه الألباني
- انظر صحيح الجامع الصغير برقم (5)
(3) رواه مسلم
(4) رواه البخاري
5أَجْرُ تَطَوُّعِهِ قَاعِدًا كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا:
شُرِعَتْ صَلاَةُ النَّافِلَةِ لِحِكَمٍ عَظِيمَةٍ وَأَسْرَارٍ مِنْهَا زِيَادَةُ الْحَسَنَاتِ وَرِفْعَةُ الدَّرَجَاتِ، فَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الأَسْلَمِيِّ خَادِمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ قَالَ:
" كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَآتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ: [سَلْنِي] . قُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: [أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ؟] قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: [فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ"(1).
وَمِنْهَا جَبْرُ وَإِكْمَالُ الْفَرِيضَةِ إِنْ نَقَصَتْ.
- فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
" إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ فَإِنْ صَلَحَتْ، فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ، فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْئًا، قَالَ الرَّبُّ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِيَ مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلُ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ تَكُونُ سَائِرُ أَعْمَالِهِ عَلَى هَذَا "(2) .
هَذَا وَلِصَلاَةِ النَّافِلَةِ آدَابٌ وَأَحْكَامٌ مِنْهَا:
جَوَازُ الْقُعُودِ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بِخِلاَفِ الْفَرِيضَةِ فَمَنْ صَلاَّهَا كَذَلِكَ فَصَلاَتُهُ صَحِيحَةٌ وَلَهُ نِصْفُ ثَوَابِ الْقَائِمِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:
" صَلاَةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلاَةِ الْقَائِمِ "(3) .
- فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
" إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ فَإِنْ صَلَحَتْ، فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ، فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْئًا، قَالَ الرَّبُّ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِيَ مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلُ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ تَكُونُ سَائِرُ أَعْمَالِهِ عَلَى هَذَا "(2) .
وَهَذَا الْحُكْمُ عَامٌّ لِجَمِيعِ الأُمَّةِ وَاخْتُصَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ عَنْ أُمَّتِهِ بِأَنْ جُعِلَتْ نَافِلَتُهُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ كَنَافِلَتِهِ قَائِمًا تَشْرِيفًا لَهُ وَتَكْرِيمًا.
- فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-؛ قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" صَلاَةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلاَةِ]. قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي جَالِسًا، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأْسِهِ. فَقَالَ: [مَالَكَ يَا عَبْدَاللهِ بْنَ عَمْرٍو [قُلْتُ: حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَّكَ قُلْتَ: صَلاَةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلاَةِ وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا قَالَ: [أَجَلْ وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ] "(4) .
قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: ...
" نَافِلَتُهُ صلى الله عليه وسلم قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ ثَوَابُهَا كَثَوابِهِ قَائِمًا وَهُوَ مِنَ الْخَصَائِصِ "(5).
(1) رواه مسلم برقم (9)
(2) رواه أبو داود وقال: حديث حسن
(3) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
(4) رواه مسلم برقم (5)
(5) انظر شرح النووي على صحيح مسلم)
6لاَ يُوَرَّثُ:
الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ سُفَرَاءُ اللهِ إِلَى عِبَادِهِ وَحَمَلَةُ وَحْيِهِ مُهِمَّتُهُمْ إِبْلاَغُ رِسَالاَتِ اللهِ إِلَى عِبَادِهِ وَالدَّعْوَةُ إِلَى اللهِ وَإِصْلاَحُ النُّفُوسِ وَتَزْكِيَتُهَا وَتَصْحِيحُ الْفِكْرِ الْمُنْحَرِفِ وَالْعَقَائِدِ الزَّائِفَةِ وَإِقَامَةُ الْحُجَّةِ وَسِيَاسَةُ الأُمَّةِ فَلَمْ تَكُنْ وَظِيفَتُهُمُ اخْتِزَانَ الأَمْوَالِ وَلاَ تَوْرِيثَ التُّرَاثِ. وَإِنَّمَا وَرَّثُوا عِلْمًا وَشَرْعًا وَبَلاَغًا لِلنَّاسِ فَذَلِكَ مِيرَاثُهُمْ وَهُوَ خَيْرُ مِيرَاثٍ.
قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَدِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ"(1) .
وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ - وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ- دُونَ أُمَّتِهِ أَنَّهُ لاَ يُورَثُ وَأَنَّ مَا تَرَكَهُ صَدَقَةٌ. قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ "(2) .
وَقَالَ: " إِنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ لاَ نُورَثُ "(3) .
وَقَالَ: " لاَ يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ "(4) .
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: " وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَلاَ الْتِفَاتَ إِلَى خُرَافَاتِ الشِّيعَةِ وَالرَّافِضَةِ فَإِنَّ جَهْلَهُمْ قَدْ سَارَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ "(5) .
قَالَ الْعُلَمَاءُ ـ رَحِمَهُمُ اللهُ ـ: " وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِمْ لاَ يُورَثُونَ أَنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ يَتَمَنَّى مَوْتَهُ فَيَهْلِكَ بِذَلِكَ، وَلِئَلاَّ يُظَنَّ بِهِمُ الرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا وَجَمْعُهَا لِوَارِثِهِمْ فَيَهْلِكَ الظَّانُّ وَيَنْفِرُ النَّاسُ عَنْهُمْ، وَأَنَّ الأَنْبِيَاءَ فِي حُكْمِ الآبَاءِ لأُمَمِهِمْ فَيَكُونُ مِيرَاثُهُمْ لِلْجَمِيعِ".
(1) رواه أبو داود برقم وصححه الألباني.
(2) رواه البخاري
(3) رواه الإمام أحمد في المسند (2/3)، وأصله في البخاري
(4) رواه البخاري
(5) انظر كتاب الفصول لابن كثير ( ص 5).
7أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ:
شَرَّفَ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ أَزْوَاجَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَصَّهُنَّ بِخَصَائِصَ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ إِكْرَامًا وَإِجْلاَلاً لَعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم. وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ جَعَلَهُنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ؛
فَقَالَ تَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}(1) .
وَمَعْنَى هَذِهِ الأُمُومَةِ: الاحْتِرَامُ وَالتَّوْقِيرُ وَالإِكْرَامُ والإِعْظَامُ وَالإِجْلاَلُ وَالطَّاعَةُ وَتَحْرِيمُ الْعُقُوقِ، وَلَكِنْ لاَ تَجُوزُالْخَلْوَةُ بِهِنَّ، وَلا يَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ إِلَى بَنَاتِهِنَّ وَأَخَواتِهِنَّ بِالإِجْمَاعِ. كَمَا حَرُمَ نِكَاحُهُنَّ عَلَى الرِّجَالِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا}(2) .
وَعَلَى هَذَا انْعَقَدَ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ قَاطِبَةً أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَزْوَاجِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ تَزَوُّجُهَا مِنْ بَعْدِهِ لأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ.
وَذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا عَنْ أُمَّتِهِ.
(1) سورة الأحزاب آية (6).
(2) سورة الأحزاب آية (3).
8رُؤْيَتُهُ فِي الْمَنَامِ حَقٌّ:
اخْتُصَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ مَنْ رَآهُ فِي الْمَنَامِ كَانَ كَمَنْ رَآهُ فِي الْيَقَظَةِ وَمُنِعَ الشَّيْطَانُ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِي خِلْقَتِهِ لِئَلاَّ يَكْذِبَ عَلَى لِسَانِهِ فِي النَّوْمِ، كَمَا مُنِعَ أَن يُتَصَوَّرَ فِي صُورَتِهِ فِي اليَقَظَةِ إِكْرَامًا لَهُ.
- فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
" مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ بِي "(1) .
قَالَ القُرْطُبِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ:
." أَنَّ رُؤْيَتَهُ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ حَالَةٍ لَيْسَتْ بَاطِلَةً وَلاَ أَضْغَاثًا بَلْ هِيَ حَقٌّ فِي نَفْسِهَا."(2)أ.هـ .
وَبَيَّنَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللهُ أَنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَا مَشْرُوطَةٌ بِأَنْ يَرَاهُ الرَّائِي عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالَّتِي جَاءَتْ مُفَصَّلَةً فِي الأَحَادِيثِ.
(1) رواه البخاري
(2) انظر فتح الباري
9 عِبَارَاتٌ جَافِيَةٌ فِي ظَاهِرِهَا رَحْمَةٌ فِي غَايَتِهَا:
لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَلاَ لَعَّانًا وَلاَ مُنْتَقِمًا لِنَفْسِهِ إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللهِ فَيَنْتَقِمُ للهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم عَفُوًّا حَلِيمًا عَظِيمَ الشَّفَقَةِ عَلَى أُمَّتِهِ والاِعْتِنَاءِ بِمَصَالِحِهِمْ وَالاحْتِيَاطِ لَهُمْ وَالرَّغْبَةِ فِي كُلِّ مَا يَنْفَعُهُمْ كَمَا مَرَّ مُفَصَّلاً، فَعِنْدَما قَدِمَ الطُّفَيْلُ الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا:
" يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ دَوْسًا قَدْ كَفَرَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللهَ عَلَيْهَا. فَقَالَ: [اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ](1)
وَمَا وَقَعَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي النَّادِرِ وَالْقَلِيلِ مِنْ دُعَاءٍ وَأَلْفَاظٍ ظَاهِرُهَا السَّبُّ فَمَحْمُولٌ -
كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ-
" عَلَى أَنَّ ظَاهِرَهَا وَحَقِيقَتَهَا غَيْرُ مُرَادَةٍ وَلَيْسَ هِيَ عَنْ قَصْدٍ بَلْ هِيَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي وَصْلِ كَلاَمِهَا بِلاَ نِيَّةٍ كَقَوْلِهِ: تَرِبَتْ يَمِينُكَ] وَ [عَقْرَى حَلْقَى] وَقَوْلِهِ لامْرَأَةٍ [لاَ كَبِرَ سِنُّكِ] وَقَوْلِهِ فِي مُعَاوِيَةَ: [لاَ أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ(2)] أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَطْلَقَ فِي حَقِّهِ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ مُسْتَوْجِبٌ مُسْتَحِقٌّ لَهُ فِي الظَّاهِرِ بِأَمَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ. وَيَكُونُ فِي بَاطِنِ الأَمْرِ لَيْسَ أَهْلاً لِذَلِكَ، "
وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ واللهُ يَتَوَلَّى السرَائِرَ(4) . فَخَافَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَظِيمِ رَحْمَتِة وَشَفَقَتِهِ أَنْ يُصَادِفَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ إِجَابَةً فَسَأَلَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَغِبَ إِلَيْهِ فِي أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ رَحْمَةً وَكَفَّارَةً وَقُرْبَةً وَطَهُورًا وَأَجْرًا. وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ أَهْلاً وَكَانَ مُسْلِمًا وَإِلاَّ فَقَدْ دَعَا رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ رَحْمَةً. فَتَحَوَّلَ الدُّعَاءُ وَنَحْوُهُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ إِلَى كَفَّارَةٍ وَرَحْمَةٍ وَقُرْبَةٍ مِنْ جُمْلَةِ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا عَنْ أُمَّتِهِ.
- فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:
e]اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ، شَتَمْتُهُ، لَعَنْتُهُ، جَلَدْتُهُ،فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلاَةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ](1).
(1) رواه البخاري .
(3) رواه مسلم برقم (4)
مَا اخْتُصَّ بِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أُمَّتِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالكَرَامَاتِ
مَا اخْتُصَّ بِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أُمَّتِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالكَرَامَاتِ
1عِصْمَةٌ فِي الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ:
كَانَ صلى الله عليه وسلم مَعْصُومًا فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ لاَ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَدَاءِ الرِّسَالَةِ وَلاَ يُقَرُّ عَلَيْهِ بَلْ يَنْزِلُ الْوَحْيُ بِتَصْحِيحِهِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}(1) .
وَهَذَا مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ هُوَ والأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ. بِخِلاَفِ سَائِرِ أُمَّتِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ مُنْفَرِدًا. أَمَّا إِذَا اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فَلاَ يَرِدُ عَلَيْهِمُ الْخَطَأُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:
]إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَجَارَ أُمَّتِي أَنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلاَلَةٍ(3).
(1) سورة النجم: الآيات (1).
2مَنِ اسْتَهَانَ بِهِ أَوْ سَبَّهُ كَفَرَ:
تَضَافَرَتِ الأَدِلَّةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَةِ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ مُوَضِّحَةً وَمُجَلِّيَةً مَا يَجِبُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحُقُوقِ وَمَا يَتَعَيَّنُ لَهُ مِنْ بِرٍّ وَتَوْقِيرٍ وَإِكْرَامٍ وَتَعْظِيمٍ وَمِنْ أَجْلِ هَذَا حَرَّمَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذَاهُ فِي كِتَابِهِ وَأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى قَتْلِ مُنْتَقِصِهِ وَسَابِّهِ.
قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}(1) .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(2) .
فَكُلُّ مَنِ اسْتَهَانَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ سَبَّهُ أَوْ عَابَهُ أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا فِي نَفْسِهِ أَوْ نَسَبِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِهِ أَوْ عَرَّضَ بِهِ أَوْ شَبَّهَهُ بِشَيْءٍ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ لَهُ أَوِ الإِزْرَاءِ عَلَيْهِ أَوِ التَّصْغِيرِ لِشَأْنِهِ أَوِ الْغَضِّ مِنْهُ وَالْعَيْبِ لَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ كُفْرًا.
وَالأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مِنْهَا:
- مَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-؛
" أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ، تَشْتُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا فَلا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلاَ تَنْزَجِرُ . قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَع فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَشْتُمُهُ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ(3) فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا، وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا، فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ، فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: [أَنْشُدُاللهَ رَجُلاً فَعَلَ مَا فَعَلَ، لِي عَلَيْهِ حَقٌّ، إِلاَّ قَامَ فَقَامَ الأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ، وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلاَ تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلاَ تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَتِ الْبَارِحَةُ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ علَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَلاَ اشْهَدُوا: أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ](4) .
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ؛ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ فَتَغَيَّظَ عَلَى رَجُلٍ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: تَأْذَن لِي يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: فَأَذْهَبَتْ كَلِمَتِي غَضَبَهُ، فَقَامَ فَدَخَلَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَقَالَ: مَا الَّذِي قُلْتَ آنِفًا؟ قُلْتُ: ائْذَنْ لِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ: أَكُنْتَ فَاعِلاً لَوْ أَمَرْتُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: لاَ وَاللهِ مَا كَانَتْ لِبَشَرٍ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ](5) .
وَأَمَّا الإِجْمَاعُ : فَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ -رَحِمَهُ اللهُ-:
أَجْمَعَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْم عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُقْتَلُ] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ -رَحِمَهُ اللهُ-:
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ شَاتِمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمُتَنَقِّصَ لَهُ كَافِرٌ وَالْوَعِيدُ جَارٍ عَلَيْهِ بِعَذَابِ اللهِ لَهُ وَحُكْمُهُ عِنْدَ الأُمَّةِ الْقَتْلُ] .
وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَنَقَلَ الإِجْمَاعَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(1) سورة الأحزاب آية (7).
(2) سورة التوبة آية (1).
(3)المغول سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه
(4) سنن أبي داود برقم (1) وصححه الألباني
(5) رواه أبو داود في سننه بإسناد صحيح
3الكَذِبُ عَلَيْهِ لَيْسَ كَالْكَذِبِ عَلَى غَيْرِهِ:
الْكَذِبُ رَذِيلَةٌ مَحْضَةٌ وَخَصْلَةٌ ذَمِيمَةٌ وَهُوَ مِنْ قَبَائِحِ الذُّنُوبِ وَفَوَاحِشِ الْعُيُوبِ وَأَقْبَحِ الصِّفَاتِ، يَقْلِبُ الْمَوَازِينَ، وَيَمْسَخُ الْحَقَائِقَ وَيُشَوِّهُ وَجْهَ الْجَمَالِ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُدَاخِلُهُ وَيُنْبِئُ عَنْ تَغَلْغُلِ الْفَسَادِ فِي نَفْسِ صَاحِبِهِ، وَيَجُرُّ بِهِ إِلَى الْفُجُورِ وَالنِّفَاقِ.قَالَ صلى الله عليه وسلم:
..وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ](1) .
وَقَالَ: ]أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: [إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ](2) .
وَمِنْ أَشَدِّ أَنْوَاعِ الْكَذِبِ وَأَشْنَعِهِ الْكَذِبُ عَلَى اللهِ تَعَالَى أَوِ الْكَذِبُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم لأَنَّهُ افْتِرَاءٌ فِي الدِّينِ، وَتَلاَعُبٌ بِشَرَائِعِ اللهِ لِعِبَادِهِ، وَتَجَرُّؤٌ عَظِيمٌ عَلَى النَّارِ. وَلِهَذَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَغْلِيظِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ مِنَ الَكَبَائِرِ وَأَنَّ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ مُتَعَمِّدًا مُسْتَجِيزًا لِذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ.
قَالَ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"(3) .
وَقَالَ: " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسَرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"(4).
وَهَذَا الْمَعْنَى: وَهُوَ تَوَعُّدُ مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّارِ. وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَمِنْ بَشَاعَةِ هَذِهِ الْجَرِيمَةِ وَشَنَاعَتِهَا أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينِ وَأَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ، أَفْتَوْا بِأَنَّ مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوْبَتُهُ مَرْدُودَةٌ وَمِنْ ثَمَّ لاَ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ، إِلاَّ أَنَّ جَمَاهِيرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلاَفِ قَوْلِهِمْ. بَيْنَمَا نَجِدُ أَنَّ مَنْ كَذَبَ عَلَى غَيْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ إِثْمًا وَفِسْقًا إِلاَّ أَنَّ تَوْبَتَهُ صَحِيحَةٌ بِالإِجْمَاعِ.
(1) رواه البخاري
(2) رواه البخاري
(3) رواه البخاري
(4) رواه البخاري
4رُؤْيَةٌ خَاصَّةٌ:
- عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-؛ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا:
يَا عَائِشُ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ. فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لاَ أَرَى](1) .
- وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ قَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لاَ تَسْمَعُونَ. إِنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ. مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلاَّ وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا للهِ. واللهِ لَوْتَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا. وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ. وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللهِ"(2)
.
- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ قَالَ:
" صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا. ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ: يَا فُلاَنُ أَلاَ تُحْسِنُ صَلاَتَكَ؟ أَلاَ يَنْظُرُ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى كَيْفَ يُصَلِّي؟ فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ. إِنِّي واللهِ لأُبْصِرُ مَنْ وَرَائِي(1) كَمَا أُبْصِرُ مَنْ بَيْنَ يَدَيَّ"(3) .
- وَعَنْهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا؟ فَوَ اللهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلاَسُجُودُكُمْ. إِنِّي لأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي"(4) .
(1) رواه البخاري
(2) حسنه الألباني
- انظر صحيح الجامع الصغير برقم (5)
(3) رواه مسلم
(4) رواه البخاري
5أَجْرُ تَطَوُّعِهِ قَاعِدًا كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا:
شُرِعَتْ صَلاَةُ النَّافِلَةِ لِحِكَمٍ عَظِيمَةٍ وَأَسْرَارٍ مِنْهَا زِيَادَةُ الْحَسَنَاتِ وَرِفْعَةُ الدَّرَجَاتِ، فَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الأَسْلَمِيِّ خَادِمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ قَالَ:
" كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَآتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ: [سَلْنِي] . قُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: [أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ؟] قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: [فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ"(1).
وَمِنْهَا جَبْرُ وَإِكْمَالُ الْفَرِيضَةِ إِنْ نَقَصَتْ.
- فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
" إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ فَإِنْ صَلَحَتْ، فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ، فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْئًا، قَالَ الرَّبُّ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِيَ مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلُ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ تَكُونُ سَائِرُ أَعْمَالِهِ عَلَى هَذَا "(2) .
هَذَا وَلِصَلاَةِ النَّافِلَةِ آدَابٌ وَأَحْكَامٌ مِنْهَا:
جَوَازُ الْقُعُودِ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بِخِلاَفِ الْفَرِيضَةِ فَمَنْ صَلاَّهَا كَذَلِكَ فَصَلاَتُهُ صَحِيحَةٌ وَلَهُ نِصْفُ ثَوَابِ الْقَائِمِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:
" صَلاَةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلاَةِ الْقَائِمِ "(3) .
- فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
" إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ فَإِنْ صَلَحَتْ، فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ، فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْئًا، قَالَ الرَّبُّ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِيَ مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلُ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ تَكُونُ سَائِرُ أَعْمَالِهِ عَلَى هَذَا "(2) .
وَهَذَا الْحُكْمُ عَامٌّ لِجَمِيعِ الأُمَّةِ وَاخْتُصَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ عَنْ أُمَّتِهِ بِأَنْ جُعِلَتْ نَافِلَتُهُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ كَنَافِلَتِهِ قَائِمًا تَشْرِيفًا لَهُ وَتَكْرِيمًا.
- فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-؛ قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" صَلاَةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلاَةِ]. قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي جَالِسًا، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأْسِهِ. فَقَالَ: [مَالَكَ يَا عَبْدَاللهِ بْنَ عَمْرٍو [قُلْتُ: حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَّكَ قُلْتَ: صَلاَةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلاَةِ وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا قَالَ: [أَجَلْ وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ] "(4) .
قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: ...
" نَافِلَتُهُ صلى الله عليه وسلم قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ ثَوَابُهَا كَثَوابِهِ قَائِمًا وَهُوَ مِنَ الْخَصَائِصِ "(5).
(1) رواه مسلم برقم (9)
(2) رواه أبو داود وقال: حديث حسن
(3) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
(4) رواه مسلم برقم (5)
(5) انظر شرح النووي على صحيح مسلم)
6لاَ يُوَرَّثُ:
الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ سُفَرَاءُ اللهِ إِلَى عِبَادِهِ وَحَمَلَةُ وَحْيِهِ مُهِمَّتُهُمْ إِبْلاَغُ رِسَالاَتِ اللهِ إِلَى عِبَادِهِ وَالدَّعْوَةُ إِلَى اللهِ وَإِصْلاَحُ النُّفُوسِ وَتَزْكِيَتُهَا وَتَصْحِيحُ الْفِكْرِ الْمُنْحَرِفِ وَالْعَقَائِدِ الزَّائِفَةِ وَإِقَامَةُ الْحُجَّةِ وَسِيَاسَةُ الأُمَّةِ فَلَمْ تَكُنْ وَظِيفَتُهُمُ اخْتِزَانَ الأَمْوَالِ وَلاَ تَوْرِيثَ التُّرَاثِ. وَإِنَّمَا وَرَّثُوا عِلْمًا وَشَرْعًا وَبَلاَغًا لِلنَّاسِ فَذَلِكَ مِيرَاثُهُمْ وَهُوَ خَيْرُ مِيرَاثٍ.
قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَدِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ"(1) .
وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ - وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ- دُونَ أُمَّتِهِ أَنَّهُ لاَ يُورَثُ وَأَنَّ مَا تَرَكَهُ صَدَقَةٌ. قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ "(2) .
وَقَالَ: " إِنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ لاَ نُورَثُ "(3) .
وَقَالَ: " لاَ يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ "(4) .
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: " وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَلاَ الْتِفَاتَ إِلَى خُرَافَاتِ الشِّيعَةِ وَالرَّافِضَةِ فَإِنَّ جَهْلَهُمْ قَدْ سَارَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ "(5) .
قَالَ الْعُلَمَاءُ ـ رَحِمَهُمُ اللهُ ـ: " وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِمْ لاَ يُورَثُونَ أَنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ يَتَمَنَّى مَوْتَهُ فَيَهْلِكَ بِذَلِكَ، وَلِئَلاَّ يُظَنَّ بِهِمُ الرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا وَجَمْعُهَا لِوَارِثِهِمْ فَيَهْلِكَ الظَّانُّ وَيَنْفِرُ النَّاسُ عَنْهُمْ، وَأَنَّ الأَنْبِيَاءَ فِي حُكْمِ الآبَاءِ لأُمَمِهِمْ فَيَكُونُ مِيرَاثُهُمْ لِلْجَمِيعِ".
(1) رواه أبو داود برقم وصححه الألباني.
(2) رواه البخاري
(3) رواه الإمام أحمد في المسند (2/3)، وأصله في البخاري
(4) رواه البخاري
(5) انظر كتاب الفصول لابن كثير ( ص 5).
7أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ:
شَرَّفَ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ أَزْوَاجَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَصَّهُنَّ بِخَصَائِصَ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ إِكْرَامًا وَإِجْلاَلاً لَعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم. وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ جَعَلَهُنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ؛
فَقَالَ تَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}(1) .
وَمَعْنَى هَذِهِ الأُمُومَةِ: الاحْتِرَامُ وَالتَّوْقِيرُ وَالإِكْرَامُ والإِعْظَامُ وَالإِجْلاَلُ وَالطَّاعَةُ وَتَحْرِيمُ الْعُقُوقِ، وَلَكِنْ لاَ تَجُوزُالْخَلْوَةُ بِهِنَّ، وَلا يَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ إِلَى بَنَاتِهِنَّ وَأَخَواتِهِنَّ بِالإِجْمَاعِ. كَمَا حَرُمَ نِكَاحُهُنَّ عَلَى الرِّجَالِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا}(2) .
وَعَلَى هَذَا انْعَقَدَ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ قَاطِبَةً أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَزْوَاجِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ تَزَوُّجُهَا مِنْ بَعْدِهِ لأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ.
وَذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا عَنْ أُمَّتِهِ.
(1) سورة الأحزاب آية (6).
(2) سورة الأحزاب آية (3).
8رُؤْيَتُهُ فِي الْمَنَامِ حَقٌّ:
اخْتُصَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ مَنْ رَآهُ فِي الْمَنَامِ كَانَ كَمَنْ رَآهُ فِي الْيَقَظَةِ وَمُنِعَ الشَّيْطَانُ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِي خِلْقَتِهِ لِئَلاَّ يَكْذِبَ عَلَى لِسَانِهِ فِي النَّوْمِ، كَمَا مُنِعَ أَن يُتَصَوَّرَ فِي صُورَتِهِ فِي اليَقَظَةِ إِكْرَامًا لَهُ.
- فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
" مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ بِي "(1) .
قَالَ القُرْطُبِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ:
." أَنَّ رُؤْيَتَهُ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ حَالَةٍ لَيْسَتْ بَاطِلَةً وَلاَ أَضْغَاثًا بَلْ هِيَ حَقٌّ فِي نَفْسِهَا."(2)أ.هـ .
وَبَيَّنَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللهُ أَنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَا مَشْرُوطَةٌ بِأَنْ يَرَاهُ الرَّائِي عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالَّتِي جَاءَتْ مُفَصَّلَةً فِي الأَحَادِيثِ.
(1) رواه البخاري
(2) انظر فتح الباري
9 عِبَارَاتٌ جَافِيَةٌ فِي ظَاهِرِهَا رَحْمَةٌ فِي غَايَتِهَا:
لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَلاَ لَعَّانًا وَلاَ مُنْتَقِمًا لِنَفْسِهِ إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللهِ فَيَنْتَقِمُ للهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم عَفُوًّا حَلِيمًا عَظِيمَ الشَّفَقَةِ عَلَى أُمَّتِهِ والاِعْتِنَاءِ بِمَصَالِحِهِمْ وَالاحْتِيَاطِ لَهُمْ وَالرَّغْبَةِ فِي كُلِّ مَا يَنْفَعُهُمْ كَمَا مَرَّ مُفَصَّلاً، فَعِنْدَما قَدِمَ الطُّفَيْلُ الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا:
" يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ دَوْسًا قَدْ كَفَرَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللهَ عَلَيْهَا. فَقَالَ: [اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ](1)
وَمَا وَقَعَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي النَّادِرِ وَالْقَلِيلِ مِنْ دُعَاءٍ وَأَلْفَاظٍ ظَاهِرُهَا السَّبُّ فَمَحْمُولٌ -
كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ-
" عَلَى أَنَّ ظَاهِرَهَا وَحَقِيقَتَهَا غَيْرُ مُرَادَةٍ وَلَيْسَ هِيَ عَنْ قَصْدٍ بَلْ هِيَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي وَصْلِ كَلاَمِهَا بِلاَ نِيَّةٍ كَقَوْلِهِ: تَرِبَتْ يَمِينُكَ] وَ [عَقْرَى حَلْقَى] وَقَوْلِهِ لامْرَأَةٍ [لاَ كَبِرَ سِنُّكِ] وَقَوْلِهِ فِي مُعَاوِيَةَ: [لاَ أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ(2)] أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَطْلَقَ فِي حَقِّهِ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ مُسْتَوْجِبٌ مُسْتَحِقٌّ لَهُ فِي الظَّاهِرِ بِأَمَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ. وَيَكُونُ فِي بَاطِنِ الأَمْرِ لَيْسَ أَهْلاً لِذَلِكَ، "
وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ واللهُ يَتَوَلَّى السرَائِرَ(4) . فَخَافَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَظِيمِ رَحْمَتِة وَشَفَقَتِهِ أَنْ يُصَادِفَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ إِجَابَةً فَسَأَلَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَغِبَ إِلَيْهِ فِي أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ رَحْمَةً وَكَفَّارَةً وَقُرْبَةً وَطَهُورًا وَأَجْرًا. وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ أَهْلاً وَكَانَ مُسْلِمًا وَإِلاَّ فَقَدْ دَعَا رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ رَحْمَةً. فَتَحَوَّلَ الدُّعَاءُ وَنَحْوُهُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ إِلَى كَفَّارَةٍ وَرَحْمَةٍ وَقُرْبَةٍ مِنْ جُمْلَةِ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا عَنْ أُمَّتِهِ.
- فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:
e]اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ، شَتَمْتُهُ، لَعَنْتُهُ، جَلَدْتُهُ،فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلاَةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ](1).
(1) رواه البخاري .
(3) رواه مسلم برقم (4)
الأربعاء أكتوبر 10, 2018 11:21 am من طرف salmosa1
» موسوعة شيلان كروشية بالباترون
الخميس سبتمبر 06, 2018 8:24 pm من طرف ام ايه والى
» الحروف العربية ( الأبجدية ) مع الصور للتلوين
الخميس فبراير 08, 2018 2:14 pm من طرف يحيي
» أكثر من 30 رسمة للتلوين لغرس السلوكيات الإسلامية
الجمعة يناير 26, 2018 6:55 am من طرف wided-algerie
» نمي مهارات طفلك الحسابية واليدوية مع لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة
الإثنين يناير 22, 2018 3:53 pm من طرف أم بناتها
» كتيب اعمال يدويةو فنية للاطفال
السبت يناير 20, 2018 2:11 am من طرف wided-algerie
» موسوعة كوفيات الكروشية (crochet scarfs ) بالباترون
الثلاثاء يناير 16, 2018 9:58 pm من طرف yokeioa
» لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة لتنمية ذكاء الاطفال
الأحد يناير 07, 2018 2:34 pm من طرف أم بناتها
» جاكيت طويل شتوي بالكروشية مع الباترون
الخميس يناير 04, 2018 7:24 pm من طرف atikaaa
» علب مناديل بالخرز 3 موديلات بالباترون
الأربعاء يونيو 07, 2017 5:11 am من طرف فتح الفتوح
» توب كله انوووووووووووثه من عمل ايديك
السبت مايو 20, 2017 8:36 pm من طرف ام ايه والى
» 6 مفارش كروشية مستديرة وخطيرة بالباترون
السبت مايو 20, 2017 8:31 pm من طرف ام ايه والى
» من بنطلون قديم وتيشرت اعملي توب راااااائع كله انوووووثه
السبت مايو 20, 2017 8:27 pm من طرف ام ايه والى
» 4 وحدات يعملوا جيليه رووووووعة بالكروشية مع الباترون
السبت مايو 20, 2017 8:14 pm من طرف ام ايه والى
» جيليه يضفي على ملابسك شياااااااااكة كروشية بالباترون
السبت مايو 20, 2017 7:45 pm من طرف ام ايه والى
» باليرو ررررررررررررررقة كروشية بالباترون
السبت أبريل 22, 2017 4:59 am من طرف Aya tarek
» الأرقام الانجليزية من ( 1 - 10 ) للتلوين
السبت أبريل 08, 2017 1:18 am من طرف vimto
» 4 مفارش ايتامين لها حواف كروشية خطيرررررررة بالباترون
الإثنين مارس 27, 2017 5:07 am من طرف شعاع النور
» موسوعة وحدات كروشية على شكل أدوات مطبخ بالباترون
الإثنين مارس 20, 2017 6:48 pm من طرف ام الحنون
» شنطة حلوووووة من تيشيرت قديم
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:48 pm من طرف ماردين
» تفنني بخياطه فستان ناعم لنفسك بدون باترون والطريقة بالفيديو
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:46 pm من طرف ماردين
» خياطة تنورة قصيرة بكرانيش بدون باترون آخر انوووووثة ( فيديو )
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:24 pm من طرف ماردين
» من بوكسر زوجك اعملي تنورة امووووووووورة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:21 pm من طرف ماردين
» التيشيرت الساحر فصلي منه 10 موديلات منتهى البساطة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 5:56 pm من طرف ماردين
» لون وتعلم المحافظة على آداب الطعام
السبت فبراير 25, 2017 9:12 pm من طرف هدى ؟؟؟؟