خطب عن الهجرة النبوية
خطب عن الهجرة النبوية
2010-12-01
خطبة أسباب الهجرة النبوية
فضيلة الشيخ:- أشرف الفيل *
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول صلي الله عليه وآله وسلم وبعد: ـ يقول الحق سبحانه وتعالى " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " ويقول جل وعلا " إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السفلي وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "
أولا معني الهجرة: ـ
الهجرة في اللغة معناها الترك وفي الشرع: الخروج من أرض الكفر إلى أرض الإسلام والمراد بها الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة والتي كانت في عهد النبي صلي الله عليه وسلم.
أنواع الهجرة
للهجرة أنواع أربعة ورد ذلك في الجامع لأحكام القرآن في تفسير قول الله عز وجل " وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا " كما قال تعالى " مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا " قال والهجرة أنواع:
1 ـ منها: ـ الهجرة إلى المدينة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم وكانت هذه واجبة أول الإسلام حتى قال لاهجرة بعد الفتح.
2 ـ ومنها: ـ وهجرة مَن أسلم في دار الحرب فإنها واجبة.
3 ـ ومنها: ـ هجرة أهل المعاصي حتى يرجعوا تأديبا لهم فلا يكلموا ولا يخالطوا حتى يتوبوا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع كعب وصاحبيه.( مرارة بن ربيعة العامري وهلال بن أمية الواقفي ) وقد ذكر الله قصتهم في سورة التوبة قال الله تعالي " لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " وقال جل وعلا في شأن المنافقين " سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ "
4 ـ ومنها: ـ هجرة المسلم ما حرم الله عليه كما في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه " وفي صحيح ابن حبان من حديث فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ألا أخبركم بالمؤمن ؟ المؤمن مَن أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب.و في مسند أبي يعلي من حديث عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل سأله يا رسول الله فأي الهجرة أفضل, قال: أن تهجر ما كره ربك..... الحديث
وفي المستدرك على الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم............. والمهاجر من هجر السوء والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه "
أسباب الهجرة النبوية
رغبة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في التمكن من إقامة دولة إسلامية من الطراز الأول يؤدون فيها عبادة الله تعالي على أتم وجه. لكن متى فكر ؟؟ ولماذا فكر ؟؟ فكر بعد ثلاثة عشرة سنة من دعوة قومه إلى الله تعالي ترى لماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يبني الرجال الذين سيقودون هذه الدولة قبل أن يبني الدولة ولكن كيف بنى الرسول هؤلاء الرجال ؟؟؟
• بناهم على اليقين على الله سبحانه وتعالى فعلمهم كيف يعتمدون عليه ويؤمنون به وكيف لا يخافون في الله لومة لائم وكيف لا يثقون إلا بالله تعالى ؟
• بناهم على خشية الله وحسن الأدب مع الله
• بناهم على الصدق والعفاف
• بناهم على حب الله تعالى وترك كل حب إلا حب الله تعالي فملأ الإيمان قلوبهم بحبه فلم يضيرهم شيئ ولم يهمهم شيئ إلا حب الله ورضاه
استثمار الإيمان الموجود في قلوبهم الذي أغناهم عن أهلهم ووطنهم وذويهم ولم يكونوا يتمكنوا من هذا الأمر في وطنهم وذلك لصد المشركين من أهل مكة دعوتهم بعنف شديد وتعذيب لا وصف له
• فها هو عقبة بن أبي معيط يدخل على رسول الله وهو يصلي في الكعبة ويضع ثوبه في عنقه ويخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه وقال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله !!!!!!
• وها هي أسماء بنت أبي بكر الصديق تحكي أن قريشا ضربوا رسول الله مرة حتى غشي عليه فقام أبو بكر ونادى فيهم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله فتركوه وأقبلوا علي أبي بكر.
• وها هو أنس يحكي أن الرسول قال: لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد وأخفت في الله وما يخاف أحد...... وهذا خباب بن الأرت يدخل على الرسول وهو متوسد في ظل الكعبة ويقول: ألا تدعو لنا ألا تستنصر لنا..... الحديث
دعــــاؤه على المشركين
وهذا ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يحكي فيقول بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم يُصَلّي عند البيت، وأبو جهل، وأصحاب له جلوس، وقد نُحِرتْ جَزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيُّكم يقومُ إِلى سَلا جَزور بني فلان، فيأخذه فيضَعه بين كَتِفَي محمد إِذا سجد ؟ فانبعث أشقَى القوم فأخذه، فلما سجد النبي -صلى الله عليه وسلم- وضَعَهُ بين كتفيه، فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا قائم أنظر، فلو كانت لي مَنَعة طَرَحْتُهُ عن ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والنبي ساجد ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة، فجاءت - وهي جُوَيْرِيَة - فطرحته عنه، ثم أقبلت تَسُبُّهم...فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم- صلاته رفع صوته، ثم دعا عليهم - وكان إِذا دعا دعا ثلاثا، وإِذا سأل سأل ثلاثا - ثم قال: اللهم عليك بقريش ثلاث مرات - فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا من دعوته. ثم قال: اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعُتْبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعُقْبة بن أبي مُعَيْط، وذكر السابع - ولم أحفظه - قال: فوالذي بعث محمدا بالحق، لقد رأيتُ الذين سَمَّى صَرْعَى، ثم سُحِبُوا إِلى القَليب، قليب بَدْر أخرجه البخاري ومسلم. وفي رواية ذكر السابع، وهو عمارة بن الوليد
تحـالف المشركين
تحالف المشركون على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يؤوهم ولا يخاطبوهم ولا يكون بينهم وبينهم شيء حتى يسلموا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.......
المقـاطعة الظالمة
ثم تقاسموا على الكفر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بعد فشلهم في كل العروض التي عرضوها على عم الرسول أبي طالب من أن يصرف ابن أخيه عن دعوته أو أن يعطوه فتى من أجمل فتيان قرش ويسلم لهم محمدا وكلما اشتد الإيذاء على رسول الله واشتدت عداوتهم له كلما كشف الله عنهم الكرب الشداد ها هو سيدنا حمزة بن عبد المطلب في ظل هذه الظروف يدخل في الإسلام وبعده بثلاثة أيام يدخل عمر بن الخطاب بعد دعوة الرسول له...........ففكروا في هذه المقاطعة الظالمة قطعوا عنهم الطعام، والمادة فلم يكونوا يتمكنوا من ذلك إلا من الموسم إلى الموسم، وهكذا جنَّد الله من المشركين مَن يدخلوا ليلاً بالطعام والحنطة عليهم، ومنهم هشام بن عمرو بن ربيعة، وظل عمه أبو طالب في حمايته يضطجع رسول الله على فراشه ويضطجع هو أحد أبنائه مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نقضت الصحيفة الظالمة لما أذن الله ومحَّص قلوب المؤمنين ثم مات أبو طالب عم النبي وحاميه، وماتت خديجة بنت خويلد المرأة التي أحبها رسول الله ودافعت عن الدين وضحت بكل ما تملك السيدة خديجة رضي الله عنها حينما أخبرها الرسول خبر الوحي ماذا فعلت ؟ بشرته وهدأت من روعه !!!! ثم ماذا قدمت ؟؟؟
ماذا قدمت لدين ربها ؟ قالت يا محمد أنا أكثر قريش مالا خذ مالي وأنفقه في سبيل الدعوة إلى الله ثم اجتهدت على النساء مثل فاطمة بنت الخطاب التي كانت سببا في إسلام رجل قال فيه الرسول صلي الله عليه وسلم " لوكان نبي بعدي لكان عمر........ اجتهدت على رجل كان سببا في التفريق بين الحق والباطل لهذا كله شرَّفها الله وأرسل إليها مع النبي كلمات ما أجملها "اقرأ خديجة مني السلام وقل لها إن الله يبشرها ببيت من قصب لانصب فيه ولا وصب" وقال عنها الرسول: " كمل من الرجال كثير وكمل من النساء أربع وذكر منهن خديجة بنت خويلد الحديث
وعند ذلك أمر الرسول أصحابه بالهجرة إلى الحبشة
والهجرة هجرتان: هجرة من مكة إلى الحبشة وكانت مرتين المرة الأولى كانت سنة خمس وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لما اشتد إيذاء أهل قريش للنبي وصحابته ولم يشأ الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدعو الله عليهم وكان صلى الله عليه وسلم يواسي أصحابه ويأمرهم بالصبر حتى ضاقت عليهم مكة واشتد أذي الكفار لهم وهنالك أذن النبي لأصحابه " بالهجرة إلى أرض الحبشة وقال لهم: إن بها ملكا لا يظلم الناس عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه وهاجر اثني عشر رجلاً وأربع نسوة وكانت هذه أول هجرة في الإسلام وأقاموا عند النجاشي بخير دار في أحسن جوار. ءامنوا فيه على دينهم وأنفسهم.....
فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي رجلين جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وهما عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي ودار حوار طويل وكان من جملة ما قاله جعفر بن عبد الله للملك قال " أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دون الله من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وشهادة الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة........ فعدَّد عليه أمور الإسلام ثم قال فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به فعبدنا الله وحده لا نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فغدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله عز وجل وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك واخترناك على مَن سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك فقال النجاشي هل معك مما جاء به عن الله من شيء قالت فقال له جعفر نعم قالت فقال له النجاشي فاقرأه فقرأ عليه صدرا من كهيعص فبكى النجاشي حتى اخضل لحيته وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تتلى عليهم ثم قال: النجاشي إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا فو الله لا أسلمهم إليكم أبدا ولا أكاد قالت أم سلمة فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص والله لأتينه غدا أعيبهم عنده بما استأصل به خضراءهم فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا لا تفعل فان لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عليه السلام عبد قالت ثم غدا عليه فقال أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما فأرسل إليهم فسلهم ما يقولون فيه قالت فأرسل إليهم يسألهم عنه قالت ولم ينزل بنا مثلها واجتمع القوم فقال بعضهم لبعض ما تقولون في عيسى بن مريم فقال له جعفر بن أبي طالب " نقول فيه الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول " قال فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منها عودا. رواه أحمد
ولما سمع الصحابة المهاجرون في الحبشة ـ من أمر سورة النجم وأن النبي قارب قومه ودنا منهم ودنو منه وكفوا آذاهم عنه ـ وكان قد صاحب نزول سورة النجم فتنة عظيمة ـ أحدثها الشيطان فألقى في مسامع قريش كلمات في مدح آلهتهم كقوله " وإنهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى " وأظهر الشيطان تلك الكلمات حتى بلغت أرض الحبشة وبلغهم أن المشركين سجدوا مع المسلمين فقال المهاجرون إذا كانوا قد آمنوا فلنرجع إلى عشائرنا أحب إلينا فخرجوا حتى كان بينهم وبين مكة ساعة من نهار فلقوا ركبانا من الناس فسألوهم فعلموا أنها فتنة؛ فدخل بعضهم مكة مستخفيا وبعضهم بجوار. غير ابن مسعود مكث يسيرا ولم يدخل مكة ثم رجع إلى أرض الحبشة. واشتد البلاء على المسلمين وعظمت المواجهه فأذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الخروج إلى أرض الحبشة، فقال عثمان ابن عفان: نهاجر ولست معنا ؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام أنتم مهاجرون إلى الله وإلي. لكم هاتان الهجرتان جميعا، فقال عثمان حسبنا يا رسول الله؛ فهاجروا إلى الحبشة ثانيا راضين بحكم الله فرحين بإقبالهم عليه، وفقرهم إليه، وسياحتهم في سبيله، مستبشرين خيراً بنصره لهم وتأييده لنبيهم مؤمنين أنهم على الحق ـ ولا بد للحق أن يعلو وينتصر ـ وكان جملة مَن هاجر ثلاث وثمانون رجلا
الخروج إلي الطائف لما مات أبو طالب عم النبي وخديجة زوج الرسول اشتد الأذى على رسول الله وصحابته ففكر النبي في الخروج من مكة عساه أن يجد مَن يستمع لدعوته ويؤويه فخرج إلى الطائف ومكث بها شهرا وقيل عشرة أيام ـ يدعوهم إلى الإسلام ــ لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه فلم يستجيبوا له ولم يجد منهم خيرا وخافوا على أبنائهم وقالوا له يا محمد اخرج من بلدنا والحق ببلدك و لما مر الرسول جعلوا يسبونه ويرمونه بالحجارة حتى أدمو كعبه وألجاؤه إلى حائط لعتبة ابن ربيعة وشيبة ابن ربيعة وهما فيه فعمد إلى ظل فرع من عنب فجلس إليه وهو مكروب متوجع تسيل رجلاه دما وابنا ربيعة ينظران إليه فلما راءاهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهم لله ورسوله فلما اطمأن قال " اللهم إني أشكوا إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي، وهواني على الناس !! يا أرحم الراحمين ! أنت رب المستضعفين وأنت ربي ! إلي من تكلني ؟؟ إلى بعيد يتجهمني ؟ أم إلى عدو ملكته أمري ؟؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي. ولكن عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك. " فلما رأى عتبة وشيبة ذلك تحرك له رحمهما فدعيا له غلاما نصرانيا يدعى عداس وقالا له خذ قطفا من هذا العنب وضعه في ذلك الطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل
ولكن أين رد هذا الكلام من الله ؟؟؟؟؟
لما رجع الرسول إلى مكة وهو حزين فلما كان بنخلة وهي على قرب من مكة قام يصلي من الليل فصرف الله إليه سبعة من الجن فاستمعوا إليه ولم يشعر بهم وآمنوا به وأنزل الله فيهم قرآنا يتلى قال الله تعالي ". وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ... الآية "
وأرسل الرسول رجلا من خزاعة إلى الأخنس بن شريق قائلا له " هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالة ربي ؟ " فاعتذر وكذا أرسل الرجل إلى سهيل بن عمرو فاعتذر ثم أرسله إلى مطعم بن عدي فاستجاره وأدخله ونهى أحدا أن يتعرض له أو يهجوه وكان النبي لا ينسى ذلك لمطعم وهكذا حمى الدعوة مَن هم ليسوا من المسملين ومن جنس الكفرة والمشركين !!! ويلي ذلك بيعة العقبة الأولى حيث عرض النبي نفسه ودعوته على القبائل وفي المواسم على الأفراد والجماعات وتمت بيعة العقبة الأولى في منى وكان ذلك في السنة الثانية عشر من النبوة وكان عدد المبايعين اثنا عشر رجلا
وفي العام التالي كانت بيعة العقبة الثانية وكان عدد المبايعين للرسول ولدعوته سبعون رجلا وكان ذلك أعظم تمهيد لهجرة الرسول عليه الصلاة والسلام
ولقد استنفذت كل المحاولات في إصلاح أهل مكة ودعوتهم إلى الله ترى في ماذا فكر الرسول عليه الصلاة والسلام ؟؟؟
ففكر النبي صلى الله عليه وسلم في مكان يأمن فيه المسلمون على أنفسهم حال عبادتهم لربهم فأمر المسلمون أولا أن يهاجروا إلى الحبشة وتكرر ذلك مرتين ثم خرج الرسول إلى الطائف ثم فكر في المدينة ودعا أهلها قبل أن يدخلها عن طريق بيعتي العقبة الأولى والثانية ثم فكر في الخروج وخطط له بخطط ناجحة وممكنة فذهب إلى أبي بكر كما في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية.....................فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أريت دار هجرتكم رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان فهاجر مَن هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع إلى المدينة بعض مَن كان هاجر إلى أرض الحبشة وتجهز أبو بكر مهاجرا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي قال أبو بكر هل ترجو ذلك بأبي أنت قال نعم فحبس أبو بكر نفسه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ألقيت هذه الخطبة بمسجد يوسف الصحابي بميدان الحجاز بمصر الجديدة
أهداف الهجرة
فضيلة الشيخ:- السيد نوح
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
اللهم صل على محمد وعلى آله والسالكين سبيله والداعين إلى دعوته إلى يوم الدين.
( ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ).
( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ).
( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ).
وبعد ,,,
فقد مضى بنا الحديث أيها الإخوة عن أسباب الهجرة, وانحصرت في سبب واحد, هذا السبب أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يظل قطار الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ ماضياً لا يتوقف أبداً.
وقد أَغْلَقت مكة والطائف أبوابها في وجه هذه الدعوة ووضعت أصابعها في آذانها , وقالوا كما حكى ربنا في قوله تعالى: (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ).
وقد أعطاه الله ـ عز وجل ـ دولة بمعنى كلمة دولة, فَلِمَ لا ينتقل إلى هذه الدولة ؟ ولم لا يمارس دعوته بالشكل الذي ينبغي ؟!! ولذا لم تكن الهجرة فراراً بقدر ما كانت مدرسة ينطلق منها رسول الله ليبلغ رسالة الله إلى عباد الله !!
ولذلك كان لا بد أن نعرف الهدف من هذه الهجرة كما حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم... وهو نصرة دين الله عز وجل , هؤلاء الناس خرجوا من ديارهم تاركين وراءهم ديارهم وأموالهم وربما عشيرتهم من أجل ماذا ؟ من أجل نصرة دين الله. إلى أين ؟ إلى المدينة. ولم تكن الحياة في المدينة بالثراء الكبير حتى لا يُقال قد ذهبوا ليأخذوا نصيبهم من الكعكة..
وحسبنا إخواننا في فلسطين فكل شيء عندهم قد انتهى. ومع ذلك صامدون لهدف كبير !
والحال في الهجرة هو نصرة دين الله عز وجل، فهو الهدف الكبير , وكان همّ رسولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألا يؤذى أحد من أصحابه في هذه الهجرة...، فالعنصر البشري هو أهم عنصر في الدعوة وله قيمة عند الله ـ عز وجل ـ والمسلمون خاصة، يقول تعالى: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ... ). يعني ما قيمتكم إذا لم تعبدوا الله عز وجل.. أو ما قيمتكم إذا لم تدعو إليه وتلجئون إليه وتفتقرون إليه !! فرب أحدكم لو أقسم على الله لأبره !!
وكما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " إنما تُنْصَرون بضعفائكم " فالصالحون سبب النصر، والضعفاء والأولاد الصغار، والمرضى والعجائز، هؤلاء هم أصحاب النصر حقيقة، الدواب التي نسخر منها كذلك. الإنسان له قيمة، والرسول في أكثر من موقف كان يحرص على ذلك ويراعي ذلك.
وكان الرسول يحرص أن يراعي قيمة الإنسان والإنسان المسلم بالذات.
يوم بدر، وُعِد من الله ـ عز وجل ـ بإحدى الحسنيين إما الحرب والنصر فيها وإما بالتجارة (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ.... )
طبيعة الإنسان يريد مالاً (الغنائم) ولكن الله يقول لهم أنتم موعودون بواحدة إما النصر إن قامت معركة، وإما بالتجارة وقد ضاعت التجارة.. !!
ومع ذلك رتب الصفوف، وأخذ أُهبة الاستعداد واستشار أصحابه، ومع ذلك أخذ طول الليل يبتهل ويصلي وينادي ربه ويقول " يا رب أنجزني ما وعدتني، إنك إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض بعد اليوم ".
ودارت المعركة والشمس في وجه المسلمين، سنة كونية، والشمس عندما تكون في وجهي لا أستطيع أن أمد يدي وأنقل الشمس خلف ظهري ولكن لابد أن أحتال كيف أحتال ؟ أي أنتظر بعدما تنتقل الشمس من مكانها إلى ما بعد الزوال.
ولذلك قال لأصحابه لا تهجموا عليهم حتى آمركم، ولكن كل المطلوب منكم أن تناوشوهم، والأعداء يظنون أنكم تقاتلونهم، وفعلاً ظل الأعداء في كرِّ وفرِّ طيلة نصف نهار وتصببوا عرقاً وضاعت كل قواهم وأصبحوا منهكين، والرسول
ما زال محافظاً على كل أصحابه ومَن معه حتى مالت الشمس..، فقال الرسول لهم ساعتها " قوموا إلى جنة عرضها السما وات والأرض، والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل صابراً محتسباً مقبلاًٍ غير مدبر إلا أدخله الله الجنة "، فقاموا وهجموا على عدوهم، ومع ذلك لم ينس الرسول ربه فرجع إلى عريشه هو وصاحبه أبو بكر يدعو ربه وظل يدعو ربه ويقول: " أنجزني ما وعدتني ( ثلاثاً ) إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض بعد اليوم.." وظل يدعو ربه حتى سقط الرداء من على منكبه فقال الصديق له: (يا نبي الله خفف مناشدتك ربك فإن الله منجزٌ لك ما وعدك).. ولم يهدأ الرسول.. حتى انتبه ورأى الملائكة ورأى جبريل ومن ورائه الملائكة , ويقول هذا جبريل آخذٌ بعنان فرسه، وقال:
(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) وقد يقول قائل إذا كان الله منجز لك ما وعدك فلماذا تدعو ؟!
قال لو أني كسبت المعركة وقد خسرت فيها نصف أصحابي فأنا إذا خسرت فكل من مع النبي(313) فكل واحد له قيمة، فأظْفُرَهُم لها قيمة ـ رضي الله عنهم ـ تقليم الأظافر التي تطير من المسلم لها قيمة عند الله ـ عز وجل ـ هي كبيرة عند الله، المسلم الذي يبيت ويصبح يدعو ربه ويناديه , مرتبطاً بالله يقول لا حول لي ولا قوة إلا بحول الله وقوته، هكذا يضحي به، فظل الرسول طوال الليل مشغولاً بهذا الجانب إلا أن يفقد أصحابه في المعركة، ويبتهل لله في ذلك ويلح على الله !!
ويظل مشغولاً بهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولذلك الذي استشهد منهم ( أربعة عشرة )، فعُدّ ذلك نَصْر. أما المشركون ( سبعون ) من فطاحلهم الكبار والقادة !!
الهدف من الهجرة هو نصرة دين الله عز وجل.. كما حدده الرسول ـ صلى الله عليه وسلم العنصر البشري هو المهم في هذه الحياة فما بالكم بالمسلم !!
والمسلمون بالذات لهم قيمة كبيرة عند الله !!
( خفف مناشدتك ربك......... ) قول الصديق للرسول هي الثقة في النصر هذا هو حرص المسلم على المسلم ! وقد صدق الله فيه ( بالمؤمنين رؤوف رحيم )
حرص القائد على العناصر المهمة في الأمة !
يوم أحد... انتهت المعركة وكان قد مات سبعون من صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فبكى الرسول عليهم بكاءً شديداً !!
بكى على هؤلاء لموتهم وفقدهم وحزن عليهم حزناً شديداً، فالواحد منهم عنده غالياً.. هل هو يجد على قارعة الطريق؟ إن الواحد منهم أُخذ في تربيته وقتاً طويلاً وجهداً عظيماً !! ودهراً من العمل في إعداده !! وتوعد الكفار. وتوعد ووعد ( لو تمكنت منهم ليكونن العقاب مضاعف، ومع ذلك يراجعه ربه (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ)
يحزن على ماذا ؟ يحزن على المسلم. يحزن على المسلم الذي قيمته كبيرة...، وكان أشد حزناً على عمه حمزة ـ رضي الله عنه ـ ثم يذهب النبي ليخلوا بربه قائلاً لأصحابه إني سأثني على ربي بعدما قتل من المسلمين ما قتل !! يقول الرسول بعد أحد " اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا راد لما قضيت، ولا قابض لم بسطت ولا باسط لما قبضت بيدك الخير كله وأنت على كل شيء قدير ".
وظل يثني على ربه ويستغفره ويشكره، لأنه كان عددهم(700) لما يأخذ الله(70) فقط ويبقي(630)كأنه أخذ من كل عشرة واحد فقط، وقد ذكر الله هذا الأمر وهذا الشأن في قوله (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) والعَفُو هنا أنه أخذ القليل وأبقى الكثير فله الحمد والمنة !!
وقوله: (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ).
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ) كان من الممكن الله عزوجل يميتهم فهم قد انصرفوا وتولوا من المعركة.. لكن الله ـ عز وجل ـ أبقاهم لأهمية العنصر البشري !!
وهذا الأمر نظر إليه الرسول يوم الهجرة، ليهاجر بأقل الخسائر والتكاليف !! هذا الدرس أقوله لكم لتعرفوه جيداً وتعوه جيداً وليته يُنْقَل إلى ذوي السلطان من حكام المسلمين، فيعرفون قيمة المسلمين فلا يعذبوهم ويجلدون ظهورهم، ويعتقلونهم ويؤذونهم !! ولا يكتمون أفواههم !! لماذا ؟؟ لأنهم هم الورقة الرابحة عند ذوي السلطان !! والله أصحاب السلطان يستطيعون أن يكونوا في قمة القيادة والقيادات إذا حافظوا على هذه القلة من المسلمين الصادقين -لو أنهم أعطوهم الفرصة.
والله لو أعطوهم الفرصة للذهاب إلى إسرائيل لمحاربتها بشكل من التنظيم والإعداد لهزموا إسرائيل وقضوا عليها !! وقد جربنا من قبل سنة 36 أوشكت إسرائيل على الرحيل لولا أنها أدخلت الجهات الرسمية !!
وفي سنة 48 أوشكت على الرحيل أيضاً من الوجود لولا أنها أدخلت الجيوش العربية!!
وهكذا المسلم له قيمة عند الله ـ عز وجل ـ لذلك حدد النبي الهدف وهو نصرة دين الله ـ عزو جل ـ ثم حدد كذلك الطريقة، الطريقة أن يهاجر الناس دون أن تكون هناك خسائر وإذا حدثت خسائر أن تكون قليلة لا تذكر ولعل الدرس الذي نستفيده أن تحرص على المسلم، ولا نفرط فيه ولو بملء الأرض ذهبا !!
الوشاة والخونة والعملاء الذين ينقلون أسرار المسلمين الى الكافرين ينقلون من أجل ماذا ؟ من أجل دراهم معدودة، الدنيا جيفة وطلابها كلاب، و الدنيا لا تساوي شيئاً، ومع هذا يخونون إخوانهم وأهليهم وذويهم من أجل هذه الدنيا
(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) ومع هذه الدناءة والدنيوية يضحي الواحد من هؤلاء الخونة بأخيه المسلم من أجل دراهم معدودات !!
والدرس الثاني: نحدد أهدافنا فأي عمل بلا هدف لا وزن له ولا قيمة !!
أنت تجمع المال لماذا ؟ من أجل رضا الله ـ عز وجل ـ وإنفاقه في مرضاته وفي سبيله، أنت تتزوج لماذا ؟ أولاً من أجل الولد وإشباع الغريزة الجنسية من طريقها الحلال الذي يرضي الله ـ عز وجل ـ أنت تبني داراً بهدف تحميك من الحر والبرد وهكذا لا بد من تحديد الهدف , فالدواب هي التي ليس لها هدف تحدده !! لأنه لا عقل لها، أما الآدميون هم الذين لهم أهداف في الحياة، وشتان بين هدف في الأرض وهدف في السماء !!
له همم لا منتهى لكبارها وهمته الصغرى أَجَلّ من الدهر
أي لهم همم كثيرة لا حد لها، لكن أقل همة عنده أعظم من الزمان كله.
وهكذا المسلم همته وهدفه رضا الله في الدنيا والآخرة فإنهم إن عملوا فسيكافئهم الله مكافأة كبرى , قال تعالى: ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون ).
هكذا حدد النبي الهدف وحدد الوسيلة، ثم بعد ذلك بدأ بالخطة بأكملها وذلك موضوع حديثنا في الخطبة القادمة إن شاء الله إن كان لنا أجل، وإن كان في العمر بقية، لكننا مع هذا نتذكر أن النجاح في هذه الهجرة هو ما قاله الرسول
ـ صلى الله عليه وسلم!!! " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ".
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أنّ محمداً سيد الأنبياء والمتقين، اللهم صل وسلم وبارك على محمد النبي الأمي، وعلى آله وأصحابه والسالكين سبيله والداعين بدعوته إلى يوم الدين.
وبعد ,,,
قامت خطة النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة على تحديد الهدف والوسلية, ومما يستصحبه من الزاد، وكان معه زادان، زاد لتوفير الطعام، وزاد يتعلق بالأمن !! وهذه نعمة كبرى، أيُّ واحد كل ما يحتاجه من الدنيا الطعام والأمن !! ولذلك قال الرسول لقريش: ألا تستذكرون نعمة الله عليكم دهوراً طويلة،
قال تعالى: (لإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)
وكذلك لما كفرت قريش وطغت وبغت وأخرجت الرسول
صلى الله عليه وسلم وصحبه وحق عليها قول الله: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
إذاً لازم يكون معهم زادان، الزاد الأول الطعام والشراب، والزاد الثاني: الأمن، وهذا ما سنفصله فيما بعد !!
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات, مولانا رب العالمين.
( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )
( ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين )
( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين )
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم انصر المسلمين المجاهدين في سائر الأرض يا رب العالمين، اللهم انصر المسلمين المجاهدين في فلسطين وفي كل مكان يا رب العالمين.
خطبة الهجرة وصناعة الأمل
فضيلة الشيخ:- عادل بن أحمد باناعمة *
الخطبة الأولى
مَن كان يظن أن يكون أولئك النفر الستة بداية مرحلة جديدة من العز والتمكين، والبذرة الأولى لشجرة باسقة ظلت تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها؟
ومَن كان يخطر بباله أن تشهد تلك الليلة من ليالي الموسم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر يطوفان بمنى حتى إذا سمعا صوت رجال يتكلمون مالا إليهم فقالا وقالوا، وتحدثا وسمعوا، وبينا فأصغوا فانشرحت القلوب، ولانت الأفئدة ونطقت الألسنة بالشهادتين، وإذا بأولئك النفر من شباب يثرب يطلقون الشرارة الأولى من نار الإسلام العظيمة التي أحرقت الباطل فتركته هشيماً تذروه الرياح. مَن كان يظن أن تلك الليلة كانت تشهد كتابة السطور الأولى لملحمة المجد والعزة؟
يا سبحان الله … إن نصر الله يأتي للمؤمن من حيث لا يحتسب ولا يقدر، لقد طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجتمعات القبائل وقصد الرؤساء وتوجه بالدعوة إلى الوجهاء وسار إلى الطائف، فعل ذلك كله عشر سنوات وهو يرجو أن يجد عند أصحاب الجاه والمنعة نصرة وتأييداً، كان يقول صلى الله عليه وسلم في كل موسم: ((مَن يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالة ربي))، ومع كل هذا لم يجد مَن يؤويه ولا مَن ينصره، بل لقد كان الرجل من أهل اليمن أو من مضر يخرج إلى مكة فيأتيه قومه فيقولون له: احذر غلام قريش لا يفتنك!
لم تأت النصرة والحماية والتمكين من تلك القبائل العظيمة ذات المال والسلاح، وإنما جاءت من ستة نفر جاؤوا على ضعف وقلة.
"إنها التقادير يوم يأذن الله بالفرج من عنده، ويأتي النصر من قلب المحنة، والنور من كبد الظلماء، والله تعالى هو المؤيد والناصر، والبشر عاجزون أمام موعود الله".
ستة نفر من أهل يثرب كلهم من الخزرج دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ولم يكن يتوقع منهم نصرة وإنما أراد دعوتهم فآمنوا وأسلموا … ثم تتابعت الأحداث على نسق عجيب، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه ـ وكان أحد النفر الستة ـ: حتى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم تبق من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم ائتمروا جميعاً فقلنا: حتى متى نترك رسول الله يطوف ويطرد في جبال مكة ويخاف؟ فرحل إليه منا سبعون رجلاً حتى قدموا عليه الموسم، فواعدناه العقبة فاجتمعنا عندها من رجل ورجلين حتى توافينا، فقلنا: يا رسول الله علام نبايعك؟ قال: ((على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافون لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم وأزواجكم، ولكم الجنة))، قال جابر: فقمنا إليه فبايعناه [مسند أحمد].
أرأيتم … يعرض الكبراء والزعماء ويستكبر الملأ وتتألب القبائل وتتآمر الوفود وتسد الأبواب… ثم تكون بداية الخلاص بعد ذلك كله في ستة نفر لا حول لهم ولا قوة.
فهل يدرك هذا المعنى المتعلقون بأذيال المادية الصارخة والنافضون أيديهم من قدرة الله وعظمته؟
وهل يدرك هذا المعنى الغارقون في تشاؤمهم اليائسون من فرج قريب لهذه الأمة المنكوبة المغلوبة على أمرها؟
إن الله ليضع نصره حيث شاء وبيد مَن شاء وعلينا أن نعمل أن نحمل دعوتنا إلى العالمين ألا نحتقر أحداً ولا نستكبر على أحد، وعلينا أن نواصل سيرنا مهما يظلم الليل وتشتد الأحزان، فمن يدري لعل الله يصنع لنا في حلكات ليلنا الداجي خيوط فجر واعد؟ ومَن يدري لعل آلامنا هذه مخاض العزة والتمكين؟
عباد الله: ونحن على أبواب عام هجري جديد يقبل محملاً بما فيه، وعلى أعقاب عام هجري مودع يمضي بما استودعناه نقف متذكرين هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم … إنها ذكرى الاعتبار والاتعاظ لا ذكرى الاحتفال والابتداع. إنها وقفة نستقرئ فيها فصلاً من فصول الحياة خطه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه. إنها رجعة إلى العقل في زمن طاشت فيه العقول. ووقفة مع الروح في زمن أسكرت الأرواح فيه مادية صخابة جرافة.
إن من أعظم دروس الهجرة وأجل عبراتها (صناعة الأمل) نعم. إن الهجرة تعلم المؤمنين فن صناعة الأمل. الأمل في موعود الله. الأمل في نصر الله. الأمل في مستقبل مشرق للا إله إلا الله. الأمل في الفرج بعد الشدة، والعزة بعد الذلة، والنصر بعد الهزيمة.
لقد رأيتم كيف صنع ستة نفر من يثرب أمل النصر والتمكين. وهاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع الأمل مرة أخرى حين عزمت قريش على قتله.
قال ابن إسحاق: فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى نام فيثبون عليه.
وعلى أن كل حساب مادي يقطع بهلاك رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف لا وهو في الدار والقوم محيطون بها إحاطة السوار بالمعصم. مع ذلك صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمل، وأوكل أمره إلى ربه وخرج يتلو قوله تعالى: وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَـٰهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ [يس:9]. خرج الأسير المحصور يذر التراب على الرؤوس المستكبرة التي أرادت قتله! وكان هذا التراب المذرور رمز الفشل والخيبة اللذين لزما المشركين فيما استقبلوا من أمرهم. فانظر كيف انبلج فجر الأمل من قلب ظلمة سوداء.
ويمضي رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه يحث الخطى حتى انتهى وصاحبه إلى جبل ثور، وهو جبل شامخ وعر الطريق صعب المرتقى، فحفيت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرتقيه فحمله أبو بكر وبلغ به غار ثور ومكثا هناك ثلاثة أيام.
ومرة أخرى يصنع الأمل في قلب المحنة، وتتغشى القلوب سكينة من الله وهي في أتون القلق والتوجس والخوف.. يصل المطاردون إلى باب الغار، ويسمع الرجلان وقع أقدامهم، ويهمس أبو بكر: يا رسول الله لو أن بعضهم طأطأ بصره لرآنا! فيقول صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا بكر. ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟)).
[font="]وكان ما كان، ورجع المشركون بعد أن لم يكن بينهم وبين مطلوبهم إلا خطوات! فانظر مرة أخرى كيف تنقشع عتمة الليل عن صباح جميل. وكيف تتغشى عناية الله عباده المؤمنين [color=red]إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءا
خطب عن الهجرة النبوية
2010-12-01
خطبة أسباب الهجرة النبوية
فضيلة الشيخ:- أشرف الفيل *
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول صلي الله عليه وآله وسلم وبعد: ـ يقول الحق سبحانه وتعالى " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " ويقول جل وعلا " إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السفلي وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "
أولا معني الهجرة: ـ
الهجرة في اللغة معناها الترك وفي الشرع: الخروج من أرض الكفر إلى أرض الإسلام والمراد بها الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة والتي كانت في عهد النبي صلي الله عليه وسلم.
أنواع الهجرة
للهجرة أنواع أربعة ورد ذلك في الجامع لأحكام القرآن في تفسير قول الله عز وجل " وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا " كما قال تعالى " مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا " قال والهجرة أنواع:
1 ـ منها: ـ الهجرة إلى المدينة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم وكانت هذه واجبة أول الإسلام حتى قال لاهجرة بعد الفتح.
2 ـ ومنها: ـ وهجرة مَن أسلم في دار الحرب فإنها واجبة.
3 ـ ومنها: ـ هجرة أهل المعاصي حتى يرجعوا تأديبا لهم فلا يكلموا ولا يخالطوا حتى يتوبوا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع كعب وصاحبيه.( مرارة بن ربيعة العامري وهلال بن أمية الواقفي ) وقد ذكر الله قصتهم في سورة التوبة قال الله تعالي " لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " وقال جل وعلا في شأن المنافقين " سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ "
4 ـ ومنها: ـ هجرة المسلم ما حرم الله عليه كما في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه " وفي صحيح ابن حبان من حديث فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ألا أخبركم بالمؤمن ؟ المؤمن مَن أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب.و في مسند أبي يعلي من حديث عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل سأله يا رسول الله فأي الهجرة أفضل, قال: أن تهجر ما كره ربك..... الحديث
وفي المستدرك على الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم............. والمهاجر من هجر السوء والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه "
أسباب الهجرة النبوية
رغبة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في التمكن من إقامة دولة إسلامية من الطراز الأول يؤدون فيها عبادة الله تعالي على أتم وجه. لكن متى فكر ؟؟ ولماذا فكر ؟؟ فكر بعد ثلاثة عشرة سنة من دعوة قومه إلى الله تعالي ترى لماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يبني الرجال الذين سيقودون هذه الدولة قبل أن يبني الدولة ولكن كيف بنى الرسول هؤلاء الرجال ؟؟؟
• بناهم على اليقين على الله سبحانه وتعالى فعلمهم كيف يعتمدون عليه ويؤمنون به وكيف لا يخافون في الله لومة لائم وكيف لا يثقون إلا بالله تعالى ؟
• بناهم على خشية الله وحسن الأدب مع الله
• بناهم على الصدق والعفاف
• بناهم على حب الله تعالى وترك كل حب إلا حب الله تعالي فملأ الإيمان قلوبهم بحبه فلم يضيرهم شيئ ولم يهمهم شيئ إلا حب الله ورضاه
استثمار الإيمان الموجود في قلوبهم الذي أغناهم عن أهلهم ووطنهم وذويهم ولم يكونوا يتمكنوا من هذا الأمر في وطنهم وذلك لصد المشركين من أهل مكة دعوتهم بعنف شديد وتعذيب لا وصف له
• فها هو عقبة بن أبي معيط يدخل على رسول الله وهو يصلي في الكعبة ويضع ثوبه في عنقه ويخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه وقال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله !!!!!!
• وها هي أسماء بنت أبي بكر الصديق تحكي أن قريشا ضربوا رسول الله مرة حتى غشي عليه فقام أبو بكر ونادى فيهم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله فتركوه وأقبلوا علي أبي بكر.
• وها هو أنس يحكي أن الرسول قال: لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد وأخفت في الله وما يخاف أحد...... وهذا خباب بن الأرت يدخل على الرسول وهو متوسد في ظل الكعبة ويقول: ألا تدعو لنا ألا تستنصر لنا..... الحديث
دعــــاؤه على المشركين
وهذا ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يحكي فيقول بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم يُصَلّي عند البيت، وأبو جهل، وأصحاب له جلوس، وقد نُحِرتْ جَزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيُّكم يقومُ إِلى سَلا جَزور بني فلان، فيأخذه فيضَعه بين كَتِفَي محمد إِذا سجد ؟ فانبعث أشقَى القوم فأخذه، فلما سجد النبي -صلى الله عليه وسلم- وضَعَهُ بين كتفيه، فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا قائم أنظر، فلو كانت لي مَنَعة طَرَحْتُهُ عن ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والنبي ساجد ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة، فجاءت - وهي جُوَيْرِيَة - فطرحته عنه، ثم أقبلت تَسُبُّهم...فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم- صلاته رفع صوته، ثم دعا عليهم - وكان إِذا دعا دعا ثلاثا، وإِذا سأل سأل ثلاثا - ثم قال: اللهم عليك بقريش ثلاث مرات - فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا من دعوته. ثم قال: اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعُتْبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعُقْبة بن أبي مُعَيْط، وذكر السابع - ولم أحفظه - قال: فوالذي بعث محمدا بالحق، لقد رأيتُ الذين سَمَّى صَرْعَى، ثم سُحِبُوا إِلى القَليب، قليب بَدْر أخرجه البخاري ومسلم. وفي رواية ذكر السابع، وهو عمارة بن الوليد
تحـالف المشركين
تحالف المشركون على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يؤوهم ولا يخاطبوهم ولا يكون بينهم وبينهم شيء حتى يسلموا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.......
المقـاطعة الظالمة
ثم تقاسموا على الكفر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بعد فشلهم في كل العروض التي عرضوها على عم الرسول أبي طالب من أن يصرف ابن أخيه عن دعوته أو أن يعطوه فتى من أجمل فتيان قرش ويسلم لهم محمدا وكلما اشتد الإيذاء على رسول الله واشتدت عداوتهم له كلما كشف الله عنهم الكرب الشداد ها هو سيدنا حمزة بن عبد المطلب في ظل هذه الظروف يدخل في الإسلام وبعده بثلاثة أيام يدخل عمر بن الخطاب بعد دعوة الرسول له...........ففكروا في هذه المقاطعة الظالمة قطعوا عنهم الطعام، والمادة فلم يكونوا يتمكنوا من ذلك إلا من الموسم إلى الموسم، وهكذا جنَّد الله من المشركين مَن يدخلوا ليلاً بالطعام والحنطة عليهم، ومنهم هشام بن عمرو بن ربيعة، وظل عمه أبو طالب في حمايته يضطجع رسول الله على فراشه ويضطجع هو أحد أبنائه مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نقضت الصحيفة الظالمة لما أذن الله ومحَّص قلوب المؤمنين ثم مات أبو طالب عم النبي وحاميه، وماتت خديجة بنت خويلد المرأة التي أحبها رسول الله ودافعت عن الدين وضحت بكل ما تملك السيدة خديجة رضي الله عنها حينما أخبرها الرسول خبر الوحي ماذا فعلت ؟ بشرته وهدأت من روعه !!!! ثم ماذا قدمت ؟؟؟
ماذا قدمت لدين ربها ؟ قالت يا محمد أنا أكثر قريش مالا خذ مالي وأنفقه في سبيل الدعوة إلى الله ثم اجتهدت على النساء مثل فاطمة بنت الخطاب التي كانت سببا في إسلام رجل قال فيه الرسول صلي الله عليه وسلم " لوكان نبي بعدي لكان عمر........ اجتهدت على رجل كان سببا في التفريق بين الحق والباطل لهذا كله شرَّفها الله وأرسل إليها مع النبي كلمات ما أجملها "اقرأ خديجة مني السلام وقل لها إن الله يبشرها ببيت من قصب لانصب فيه ولا وصب" وقال عنها الرسول: " كمل من الرجال كثير وكمل من النساء أربع وذكر منهن خديجة بنت خويلد الحديث
وعند ذلك أمر الرسول أصحابه بالهجرة إلى الحبشة
والهجرة هجرتان: هجرة من مكة إلى الحبشة وكانت مرتين المرة الأولى كانت سنة خمس وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لما اشتد إيذاء أهل قريش للنبي وصحابته ولم يشأ الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدعو الله عليهم وكان صلى الله عليه وسلم يواسي أصحابه ويأمرهم بالصبر حتى ضاقت عليهم مكة واشتد أذي الكفار لهم وهنالك أذن النبي لأصحابه " بالهجرة إلى أرض الحبشة وقال لهم: إن بها ملكا لا يظلم الناس عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه وهاجر اثني عشر رجلاً وأربع نسوة وكانت هذه أول هجرة في الإسلام وأقاموا عند النجاشي بخير دار في أحسن جوار. ءامنوا فيه على دينهم وأنفسهم.....
فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي رجلين جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وهما عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي ودار حوار طويل وكان من جملة ما قاله جعفر بن عبد الله للملك قال " أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دون الله من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وشهادة الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة........ فعدَّد عليه أمور الإسلام ثم قال فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به فعبدنا الله وحده لا نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فغدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله عز وجل وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك واخترناك على مَن سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك فقال النجاشي هل معك مما جاء به عن الله من شيء قالت فقال له جعفر نعم قالت فقال له النجاشي فاقرأه فقرأ عليه صدرا من كهيعص فبكى النجاشي حتى اخضل لحيته وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تتلى عليهم ثم قال: النجاشي إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا فو الله لا أسلمهم إليكم أبدا ولا أكاد قالت أم سلمة فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص والله لأتينه غدا أعيبهم عنده بما استأصل به خضراءهم فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا لا تفعل فان لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عليه السلام عبد قالت ثم غدا عليه فقال أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما فأرسل إليهم فسلهم ما يقولون فيه قالت فأرسل إليهم يسألهم عنه قالت ولم ينزل بنا مثلها واجتمع القوم فقال بعضهم لبعض ما تقولون في عيسى بن مريم فقال له جعفر بن أبي طالب " نقول فيه الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول " قال فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منها عودا. رواه أحمد
ولما سمع الصحابة المهاجرون في الحبشة ـ من أمر سورة النجم وأن النبي قارب قومه ودنا منهم ودنو منه وكفوا آذاهم عنه ـ وكان قد صاحب نزول سورة النجم فتنة عظيمة ـ أحدثها الشيطان فألقى في مسامع قريش كلمات في مدح آلهتهم كقوله " وإنهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى " وأظهر الشيطان تلك الكلمات حتى بلغت أرض الحبشة وبلغهم أن المشركين سجدوا مع المسلمين فقال المهاجرون إذا كانوا قد آمنوا فلنرجع إلى عشائرنا أحب إلينا فخرجوا حتى كان بينهم وبين مكة ساعة من نهار فلقوا ركبانا من الناس فسألوهم فعلموا أنها فتنة؛ فدخل بعضهم مكة مستخفيا وبعضهم بجوار. غير ابن مسعود مكث يسيرا ولم يدخل مكة ثم رجع إلى أرض الحبشة. واشتد البلاء على المسلمين وعظمت المواجهه فأذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الخروج إلى أرض الحبشة، فقال عثمان ابن عفان: نهاجر ولست معنا ؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام أنتم مهاجرون إلى الله وإلي. لكم هاتان الهجرتان جميعا، فقال عثمان حسبنا يا رسول الله؛ فهاجروا إلى الحبشة ثانيا راضين بحكم الله فرحين بإقبالهم عليه، وفقرهم إليه، وسياحتهم في سبيله، مستبشرين خيراً بنصره لهم وتأييده لنبيهم مؤمنين أنهم على الحق ـ ولا بد للحق أن يعلو وينتصر ـ وكان جملة مَن هاجر ثلاث وثمانون رجلا
الخروج إلي الطائف لما مات أبو طالب عم النبي وخديجة زوج الرسول اشتد الأذى على رسول الله وصحابته ففكر النبي في الخروج من مكة عساه أن يجد مَن يستمع لدعوته ويؤويه فخرج إلى الطائف ومكث بها شهرا وقيل عشرة أيام ـ يدعوهم إلى الإسلام ــ لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه فلم يستجيبوا له ولم يجد منهم خيرا وخافوا على أبنائهم وقالوا له يا محمد اخرج من بلدنا والحق ببلدك و لما مر الرسول جعلوا يسبونه ويرمونه بالحجارة حتى أدمو كعبه وألجاؤه إلى حائط لعتبة ابن ربيعة وشيبة ابن ربيعة وهما فيه فعمد إلى ظل فرع من عنب فجلس إليه وهو مكروب متوجع تسيل رجلاه دما وابنا ربيعة ينظران إليه فلما راءاهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهم لله ورسوله فلما اطمأن قال " اللهم إني أشكوا إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي، وهواني على الناس !! يا أرحم الراحمين ! أنت رب المستضعفين وأنت ربي ! إلي من تكلني ؟؟ إلى بعيد يتجهمني ؟ أم إلى عدو ملكته أمري ؟؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي. ولكن عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك. " فلما رأى عتبة وشيبة ذلك تحرك له رحمهما فدعيا له غلاما نصرانيا يدعى عداس وقالا له خذ قطفا من هذا العنب وضعه في ذلك الطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل
ولكن أين رد هذا الكلام من الله ؟؟؟؟؟
لما رجع الرسول إلى مكة وهو حزين فلما كان بنخلة وهي على قرب من مكة قام يصلي من الليل فصرف الله إليه سبعة من الجن فاستمعوا إليه ولم يشعر بهم وآمنوا به وأنزل الله فيهم قرآنا يتلى قال الله تعالي ". وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ... الآية "
وأرسل الرسول رجلا من خزاعة إلى الأخنس بن شريق قائلا له " هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالة ربي ؟ " فاعتذر وكذا أرسل الرجل إلى سهيل بن عمرو فاعتذر ثم أرسله إلى مطعم بن عدي فاستجاره وأدخله ونهى أحدا أن يتعرض له أو يهجوه وكان النبي لا ينسى ذلك لمطعم وهكذا حمى الدعوة مَن هم ليسوا من المسملين ومن جنس الكفرة والمشركين !!! ويلي ذلك بيعة العقبة الأولى حيث عرض النبي نفسه ودعوته على القبائل وفي المواسم على الأفراد والجماعات وتمت بيعة العقبة الأولى في منى وكان ذلك في السنة الثانية عشر من النبوة وكان عدد المبايعين اثنا عشر رجلا
وفي العام التالي كانت بيعة العقبة الثانية وكان عدد المبايعين للرسول ولدعوته سبعون رجلا وكان ذلك أعظم تمهيد لهجرة الرسول عليه الصلاة والسلام
ولقد استنفذت كل المحاولات في إصلاح أهل مكة ودعوتهم إلى الله ترى في ماذا فكر الرسول عليه الصلاة والسلام ؟؟؟
ففكر النبي صلى الله عليه وسلم في مكان يأمن فيه المسلمون على أنفسهم حال عبادتهم لربهم فأمر المسلمون أولا أن يهاجروا إلى الحبشة وتكرر ذلك مرتين ثم خرج الرسول إلى الطائف ثم فكر في المدينة ودعا أهلها قبل أن يدخلها عن طريق بيعتي العقبة الأولى والثانية ثم فكر في الخروج وخطط له بخطط ناجحة وممكنة فذهب إلى أبي بكر كما في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية.....................فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أريت دار هجرتكم رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان فهاجر مَن هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع إلى المدينة بعض مَن كان هاجر إلى أرض الحبشة وتجهز أبو بكر مهاجرا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي قال أبو بكر هل ترجو ذلك بأبي أنت قال نعم فحبس أبو بكر نفسه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ألقيت هذه الخطبة بمسجد يوسف الصحابي بميدان الحجاز بمصر الجديدة
أهداف الهجرة
فضيلة الشيخ:- السيد نوح
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
اللهم صل على محمد وعلى آله والسالكين سبيله والداعين إلى دعوته إلى يوم الدين.
( ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ).
( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ).
( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ).
وبعد ,,,
فقد مضى بنا الحديث أيها الإخوة عن أسباب الهجرة, وانحصرت في سبب واحد, هذا السبب أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يظل قطار الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ ماضياً لا يتوقف أبداً.
وقد أَغْلَقت مكة والطائف أبوابها في وجه هذه الدعوة ووضعت أصابعها في آذانها , وقالوا كما حكى ربنا في قوله تعالى: (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ).
وقد أعطاه الله ـ عز وجل ـ دولة بمعنى كلمة دولة, فَلِمَ لا ينتقل إلى هذه الدولة ؟ ولم لا يمارس دعوته بالشكل الذي ينبغي ؟!! ولذا لم تكن الهجرة فراراً بقدر ما كانت مدرسة ينطلق منها رسول الله ليبلغ رسالة الله إلى عباد الله !!
ولذلك كان لا بد أن نعرف الهدف من هذه الهجرة كما حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم... وهو نصرة دين الله عز وجل , هؤلاء الناس خرجوا من ديارهم تاركين وراءهم ديارهم وأموالهم وربما عشيرتهم من أجل ماذا ؟ من أجل نصرة دين الله. إلى أين ؟ إلى المدينة. ولم تكن الحياة في المدينة بالثراء الكبير حتى لا يُقال قد ذهبوا ليأخذوا نصيبهم من الكعكة..
وحسبنا إخواننا في فلسطين فكل شيء عندهم قد انتهى. ومع ذلك صامدون لهدف كبير !
والحال في الهجرة هو نصرة دين الله عز وجل، فهو الهدف الكبير , وكان همّ رسولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألا يؤذى أحد من أصحابه في هذه الهجرة...، فالعنصر البشري هو أهم عنصر في الدعوة وله قيمة عند الله ـ عز وجل ـ والمسلمون خاصة، يقول تعالى: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ... ). يعني ما قيمتكم إذا لم تعبدوا الله عز وجل.. أو ما قيمتكم إذا لم تدعو إليه وتلجئون إليه وتفتقرون إليه !! فرب أحدكم لو أقسم على الله لأبره !!
وكما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " إنما تُنْصَرون بضعفائكم " فالصالحون سبب النصر، والضعفاء والأولاد الصغار، والمرضى والعجائز، هؤلاء هم أصحاب النصر حقيقة، الدواب التي نسخر منها كذلك. الإنسان له قيمة، والرسول في أكثر من موقف كان يحرص على ذلك ويراعي ذلك.
وكان الرسول يحرص أن يراعي قيمة الإنسان والإنسان المسلم بالذات.
يوم بدر، وُعِد من الله ـ عز وجل ـ بإحدى الحسنيين إما الحرب والنصر فيها وإما بالتجارة (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ.... )
طبيعة الإنسان يريد مالاً (الغنائم) ولكن الله يقول لهم أنتم موعودون بواحدة إما النصر إن قامت معركة، وإما بالتجارة وقد ضاعت التجارة.. !!
ومع ذلك رتب الصفوف، وأخذ أُهبة الاستعداد واستشار أصحابه، ومع ذلك أخذ طول الليل يبتهل ويصلي وينادي ربه ويقول " يا رب أنجزني ما وعدتني، إنك إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض بعد اليوم ".
ودارت المعركة والشمس في وجه المسلمين، سنة كونية، والشمس عندما تكون في وجهي لا أستطيع أن أمد يدي وأنقل الشمس خلف ظهري ولكن لابد أن أحتال كيف أحتال ؟ أي أنتظر بعدما تنتقل الشمس من مكانها إلى ما بعد الزوال.
ولذلك قال لأصحابه لا تهجموا عليهم حتى آمركم، ولكن كل المطلوب منكم أن تناوشوهم، والأعداء يظنون أنكم تقاتلونهم، وفعلاً ظل الأعداء في كرِّ وفرِّ طيلة نصف نهار وتصببوا عرقاً وضاعت كل قواهم وأصبحوا منهكين، والرسول
ما زال محافظاً على كل أصحابه ومَن معه حتى مالت الشمس..، فقال الرسول لهم ساعتها " قوموا إلى جنة عرضها السما وات والأرض، والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل صابراً محتسباً مقبلاًٍ غير مدبر إلا أدخله الله الجنة "، فقاموا وهجموا على عدوهم، ومع ذلك لم ينس الرسول ربه فرجع إلى عريشه هو وصاحبه أبو بكر يدعو ربه وظل يدعو ربه ويقول: " أنجزني ما وعدتني ( ثلاثاً ) إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض بعد اليوم.." وظل يدعو ربه حتى سقط الرداء من على منكبه فقال الصديق له: (يا نبي الله خفف مناشدتك ربك فإن الله منجزٌ لك ما وعدك).. ولم يهدأ الرسول.. حتى انتبه ورأى الملائكة ورأى جبريل ومن ورائه الملائكة , ويقول هذا جبريل آخذٌ بعنان فرسه، وقال:
(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) وقد يقول قائل إذا كان الله منجز لك ما وعدك فلماذا تدعو ؟!
قال لو أني كسبت المعركة وقد خسرت فيها نصف أصحابي فأنا إذا خسرت فكل من مع النبي(313) فكل واحد له قيمة، فأظْفُرَهُم لها قيمة ـ رضي الله عنهم ـ تقليم الأظافر التي تطير من المسلم لها قيمة عند الله ـ عز وجل ـ هي كبيرة عند الله، المسلم الذي يبيت ويصبح يدعو ربه ويناديه , مرتبطاً بالله يقول لا حول لي ولا قوة إلا بحول الله وقوته، هكذا يضحي به، فظل الرسول طوال الليل مشغولاً بهذا الجانب إلا أن يفقد أصحابه في المعركة، ويبتهل لله في ذلك ويلح على الله !!
ويظل مشغولاً بهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولذلك الذي استشهد منهم ( أربعة عشرة )، فعُدّ ذلك نَصْر. أما المشركون ( سبعون ) من فطاحلهم الكبار والقادة !!
الهدف من الهجرة هو نصرة دين الله عز وجل.. كما حدده الرسول ـ صلى الله عليه وسلم العنصر البشري هو المهم في هذه الحياة فما بالكم بالمسلم !!
والمسلمون بالذات لهم قيمة كبيرة عند الله !!
( خفف مناشدتك ربك......... ) قول الصديق للرسول هي الثقة في النصر هذا هو حرص المسلم على المسلم ! وقد صدق الله فيه ( بالمؤمنين رؤوف رحيم )
حرص القائد على العناصر المهمة في الأمة !
يوم أحد... انتهت المعركة وكان قد مات سبعون من صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فبكى الرسول عليهم بكاءً شديداً !!
بكى على هؤلاء لموتهم وفقدهم وحزن عليهم حزناً شديداً، فالواحد منهم عنده غالياً.. هل هو يجد على قارعة الطريق؟ إن الواحد منهم أُخذ في تربيته وقتاً طويلاً وجهداً عظيماً !! ودهراً من العمل في إعداده !! وتوعد الكفار. وتوعد ووعد ( لو تمكنت منهم ليكونن العقاب مضاعف، ومع ذلك يراجعه ربه (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ)
يحزن على ماذا ؟ يحزن على المسلم. يحزن على المسلم الذي قيمته كبيرة...، وكان أشد حزناً على عمه حمزة ـ رضي الله عنه ـ ثم يذهب النبي ليخلوا بربه قائلاً لأصحابه إني سأثني على ربي بعدما قتل من المسلمين ما قتل !! يقول الرسول بعد أحد " اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا راد لما قضيت، ولا قابض لم بسطت ولا باسط لما قبضت بيدك الخير كله وأنت على كل شيء قدير ".
وظل يثني على ربه ويستغفره ويشكره، لأنه كان عددهم(700) لما يأخذ الله(70) فقط ويبقي(630)كأنه أخذ من كل عشرة واحد فقط، وقد ذكر الله هذا الأمر وهذا الشأن في قوله (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) والعَفُو هنا أنه أخذ القليل وأبقى الكثير فله الحمد والمنة !!
وقوله: (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ).
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ) كان من الممكن الله عزوجل يميتهم فهم قد انصرفوا وتولوا من المعركة.. لكن الله ـ عز وجل ـ أبقاهم لأهمية العنصر البشري !!
وهذا الأمر نظر إليه الرسول يوم الهجرة، ليهاجر بأقل الخسائر والتكاليف !! هذا الدرس أقوله لكم لتعرفوه جيداً وتعوه جيداً وليته يُنْقَل إلى ذوي السلطان من حكام المسلمين، فيعرفون قيمة المسلمين فلا يعذبوهم ويجلدون ظهورهم، ويعتقلونهم ويؤذونهم !! ولا يكتمون أفواههم !! لماذا ؟؟ لأنهم هم الورقة الرابحة عند ذوي السلطان !! والله أصحاب السلطان يستطيعون أن يكونوا في قمة القيادة والقيادات إذا حافظوا على هذه القلة من المسلمين الصادقين -لو أنهم أعطوهم الفرصة.
والله لو أعطوهم الفرصة للذهاب إلى إسرائيل لمحاربتها بشكل من التنظيم والإعداد لهزموا إسرائيل وقضوا عليها !! وقد جربنا من قبل سنة 36 أوشكت إسرائيل على الرحيل لولا أنها أدخلت الجهات الرسمية !!
وفي سنة 48 أوشكت على الرحيل أيضاً من الوجود لولا أنها أدخلت الجيوش العربية!!
وهكذا المسلم له قيمة عند الله ـ عز وجل ـ لذلك حدد النبي الهدف وهو نصرة دين الله ـ عزو جل ـ ثم حدد كذلك الطريقة، الطريقة أن يهاجر الناس دون أن تكون هناك خسائر وإذا حدثت خسائر أن تكون قليلة لا تذكر ولعل الدرس الذي نستفيده أن تحرص على المسلم، ولا نفرط فيه ولو بملء الأرض ذهبا !!
الوشاة والخونة والعملاء الذين ينقلون أسرار المسلمين الى الكافرين ينقلون من أجل ماذا ؟ من أجل دراهم معدودة، الدنيا جيفة وطلابها كلاب، و الدنيا لا تساوي شيئاً، ومع هذا يخونون إخوانهم وأهليهم وذويهم من أجل هذه الدنيا
(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) ومع هذه الدناءة والدنيوية يضحي الواحد من هؤلاء الخونة بأخيه المسلم من أجل دراهم معدودات !!
والدرس الثاني: نحدد أهدافنا فأي عمل بلا هدف لا وزن له ولا قيمة !!
أنت تجمع المال لماذا ؟ من أجل رضا الله ـ عز وجل ـ وإنفاقه في مرضاته وفي سبيله، أنت تتزوج لماذا ؟ أولاً من أجل الولد وإشباع الغريزة الجنسية من طريقها الحلال الذي يرضي الله ـ عز وجل ـ أنت تبني داراً بهدف تحميك من الحر والبرد وهكذا لا بد من تحديد الهدف , فالدواب هي التي ليس لها هدف تحدده !! لأنه لا عقل لها، أما الآدميون هم الذين لهم أهداف في الحياة، وشتان بين هدف في الأرض وهدف في السماء !!
له همم لا منتهى لكبارها وهمته الصغرى أَجَلّ من الدهر
أي لهم همم كثيرة لا حد لها، لكن أقل همة عنده أعظم من الزمان كله.
وهكذا المسلم همته وهدفه رضا الله في الدنيا والآخرة فإنهم إن عملوا فسيكافئهم الله مكافأة كبرى , قال تعالى: ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون ).
هكذا حدد النبي الهدف وحدد الوسيلة، ثم بعد ذلك بدأ بالخطة بأكملها وذلك موضوع حديثنا في الخطبة القادمة إن شاء الله إن كان لنا أجل، وإن كان في العمر بقية، لكننا مع هذا نتذكر أن النجاح في هذه الهجرة هو ما قاله الرسول
ـ صلى الله عليه وسلم!!! " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ".
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أنّ محمداً سيد الأنبياء والمتقين، اللهم صل وسلم وبارك على محمد النبي الأمي، وعلى آله وأصحابه والسالكين سبيله والداعين بدعوته إلى يوم الدين.
وبعد ,,,
قامت خطة النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة على تحديد الهدف والوسلية, ومما يستصحبه من الزاد، وكان معه زادان، زاد لتوفير الطعام، وزاد يتعلق بالأمن !! وهذه نعمة كبرى، أيُّ واحد كل ما يحتاجه من الدنيا الطعام والأمن !! ولذلك قال الرسول لقريش: ألا تستذكرون نعمة الله عليكم دهوراً طويلة،
قال تعالى: (لإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)
وكذلك لما كفرت قريش وطغت وبغت وأخرجت الرسول
صلى الله عليه وسلم وصحبه وحق عليها قول الله: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
إذاً لازم يكون معهم زادان، الزاد الأول الطعام والشراب، والزاد الثاني: الأمن، وهذا ما سنفصله فيما بعد !!
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات, مولانا رب العالمين.
( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )
( ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين )
( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين )
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم انصر المسلمين المجاهدين في سائر الأرض يا رب العالمين، اللهم انصر المسلمين المجاهدين في فلسطين وفي كل مكان يا رب العالمين.
خطبة الهجرة وصناعة الأمل
فضيلة الشيخ:- عادل بن أحمد باناعمة *
الخطبة الأولى
مَن كان يظن أن يكون أولئك النفر الستة بداية مرحلة جديدة من العز والتمكين، والبذرة الأولى لشجرة باسقة ظلت تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها؟
ومَن كان يخطر بباله أن تشهد تلك الليلة من ليالي الموسم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر يطوفان بمنى حتى إذا سمعا صوت رجال يتكلمون مالا إليهم فقالا وقالوا، وتحدثا وسمعوا، وبينا فأصغوا فانشرحت القلوب، ولانت الأفئدة ونطقت الألسنة بالشهادتين، وإذا بأولئك النفر من شباب يثرب يطلقون الشرارة الأولى من نار الإسلام العظيمة التي أحرقت الباطل فتركته هشيماً تذروه الرياح. مَن كان يظن أن تلك الليلة كانت تشهد كتابة السطور الأولى لملحمة المجد والعزة؟
يا سبحان الله … إن نصر الله يأتي للمؤمن من حيث لا يحتسب ولا يقدر، لقد طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجتمعات القبائل وقصد الرؤساء وتوجه بالدعوة إلى الوجهاء وسار إلى الطائف، فعل ذلك كله عشر سنوات وهو يرجو أن يجد عند أصحاب الجاه والمنعة نصرة وتأييداً، كان يقول صلى الله عليه وسلم في كل موسم: ((مَن يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالة ربي))، ومع كل هذا لم يجد مَن يؤويه ولا مَن ينصره، بل لقد كان الرجل من أهل اليمن أو من مضر يخرج إلى مكة فيأتيه قومه فيقولون له: احذر غلام قريش لا يفتنك!
لم تأت النصرة والحماية والتمكين من تلك القبائل العظيمة ذات المال والسلاح، وإنما جاءت من ستة نفر جاؤوا على ضعف وقلة.
"إنها التقادير يوم يأذن الله بالفرج من عنده، ويأتي النصر من قلب المحنة، والنور من كبد الظلماء، والله تعالى هو المؤيد والناصر، والبشر عاجزون أمام موعود الله".
ستة نفر من أهل يثرب كلهم من الخزرج دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ولم يكن يتوقع منهم نصرة وإنما أراد دعوتهم فآمنوا وأسلموا … ثم تتابعت الأحداث على نسق عجيب، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه ـ وكان أحد النفر الستة ـ: حتى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم تبق من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم ائتمروا جميعاً فقلنا: حتى متى نترك رسول الله يطوف ويطرد في جبال مكة ويخاف؟ فرحل إليه منا سبعون رجلاً حتى قدموا عليه الموسم، فواعدناه العقبة فاجتمعنا عندها من رجل ورجلين حتى توافينا، فقلنا: يا رسول الله علام نبايعك؟ قال: ((على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافون لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم وأزواجكم، ولكم الجنة))، قال جابر: فقمنا إليه فبايعناه [مسند أحمد].
أرأيتم … يعرض الكبراء والزعماء ويستكبر الملأ وتتألب القبائل وتتآمر الوفود وتسد الأبواب… ثم تكون بداية الخلاص بعد ذلك كله في ستة نفر لا حول لهم ولا قوة.
فهل يدرك هذا المعنى المتعلقون بأذيال المادية الصارخة والنافضون أيديهم من قدرة الله وعظمته؟
وهل يدرك هذا المعنى الغارقون في تشاؤمهم اليائسون من فرج قريب لهذه الأمة المنكوبة المغلوبة على أمرها؟
إن الله ليضع نصره حيث شاء وبيد مَن شاء وعلينا أن نعمل أن نحمل دعوتنا إلى العالمين ألا نحتقر أحداً ولا نستكبر على أحد، وعلينا أن نواصل سيرنا مهما يظلم الليل وتشتد الأحزان، فمن يدري لعل الله يصنع لنا في حلكات ليلنا الداجي خيوط فجر واعد؟ ومَن يدري لعل آلامنا هذه مخاض العزة والتمكين؟
عباد الله: ونحن على أبواب عام هجري جديد يقبل محملاً بما فيه، وعلى أعقاب عام هجري مودع يمضي بما استودعناه نقف متذكرين هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم … إنها ذكرى الاعتبار والاتعاظ لا ذكرى الاحتفال والابتداع. إنها وقفة نستقرئ فيها فصلاً من فصول الحياة خطه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه. إنها رجعة إلى العقل في زمن طاشت فيه العقول. ووقفة مع الروح في زمن أسكرت الأرواح فيه مادية صخابة جرافة.
إن من أعظم دروس الهجرة وأجل عبراتها (صناعة الأمل) نعم. إن الهجرة تعلم المؤمنين فن صناعة الأمل. الأمل في موعود الله. الأمل في نصر الله. الأمل في مستقبل مشرق للا إله إلا الله. الأمل في الفرج بعد الشدة، والعزة بعد الذلة، والنصر بعد الهزيمة.
لقد رأيتم كيف صنع ستة نفر من يثرب أمل النصر والتمكين. وهاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع الأمل مرة أخرى حين عزمت قريش على قتله.
قال ابن إسحاق: فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى نام فيثبون عليه.
وعلى أن كل حساب مادي يقطع بهلاك رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف لا وهو في الدار والقوم محيطون بها إحاطة السوار بالمعصم. مع ذلك صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمل، وأوكل أمره إلى ربه وخرج يتلو قوله تعالى: وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَـٰهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ [يس:9]. خرج الأسير المحصور يذر التراب على الرؤوس المستكبرة التي أرادت قتله! وكان هذا التراب المذرور رمز الفشل والخيبة اللذين لزما المشركين فيما استقبلوا من أمرهم. فانظر كيف انبلج فجر الأمل من قلب ظلمة سوداء.
ويمضي رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه يحث الخطى حتى انتهى وصاحبه إلى جبل ثور، وهو جبل شامخ وعر الطريق صعب المرتقى، فحفيت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرتقيه فحمله أبو بكر وبلغ به غار ثور ومكثا هناك ثلاثة أيام.
ومرة أخرى يصنع الأمل في قلب المحنة، وتتغشى القلوب سكينة من الله وهي في أتون القلق والتوجس والخوف.. يصل المطاردون إلى باب الغار، ويسمع الرجلان وقع أقدامهم، ويهمس أبو بكر: يا رسول الله لو أن بعضهم طأطأ بصره لرآنا! فيقول صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا بكر. ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟)).
[font="]وكان ما كان، ورجع المشركون بعد أن لم يكن بينهم وبين مطلوبهم إلا خطوات! فانظر مرة أخرى كيف تنقشع عتمة الليل عن صباح جميل. وكيف تتغشى عناية الله عباده المؤمنين [color=red]إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءا
الأربعاء أكتوبر 10, 2018 11:21 am من طرف salmosa1
» موسوعة شيلان كروشية بالباترون
الخميس سبتمبر 06, 2018 8:24 pm من طرف ام ايه والى
» الحروف العربية ( الأبجدية ) مع الصور للتلوين
الخميس فبراير 08, 2018 2:14 pm من طرف يحيي
» أكثر من 30 رسمة للتلوين لغرس السلوكيات الإسلامية
الجمعة يناير 26, 2018 6:55 am من طرف wided-algerie
» نمي مهارات طفلك الحسابية واليدوية مع لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة
الإثنين يناير 22, 2018 3:53 pm من طرف أم بناتها
» كتيب اعمال يدويةو فنية للاطفال
السبت يناير 20, 2018 2:11 am من طرف wided-algerie
» موسوعة كوفيات الكروشية (crochet scarfs ) بالباترون
الثلاثاء يناير 16, 2018 9:58 pm من طرف yokeioa
» لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة لتنمية ذكاء الاطفال
الأحد يناير 07, 2018 2:34 pm من طرف أم بناتها
» جاكيت طويل شتوي بالكروشية مع الباترون
الخميس يناير 04, 2018 7:24 pm من طرف atikaaa
» علب مناديل بالخرز 3 موديلات بالباترون
الأربعاء يونيو 07, 2017 5:11 am من طرف فتح الفتوح
» توب كله انوووووووووووثه من عمل ايديك
السبت مايو 20, 2017 8:36 pm من طرف ام ايه والى
» 6 مفارش كروشية مستديرة وخطيرة بالباترون
السبت مايو 20, 2017 8:31 pm من طرف ام ايه والى
» من بنطلون قديم وتيشرت اعملي توب راااااائع كله انوووووثه
السبت مايو 20, 2017 8:27 pm من طرف ام ايه والى
» 4 وحدات يعملوا جيليه رووووووعة بالكروشية مع الباترون
السبت مايو 20, 2017 8:14 pm من طرف ام ايه والى
» جيليه يضفي على ملابسك شياااااااااكة كروشية بالباترون
السبت مايو 20, 2017 7:45 pm من طرف ام ايه والى
» باليرو ررررررررررررررقة كروشية بالباترون
السبت أبريل 22, 2017 4:59 am من طرف Aya tarek
» الأرقام الانجليزية من ( 1 - 10 ) للتلوين
السبت أبريل 08, 2017 1:18 am من طرف vimto
» 4 مفارش ايتامين لها حواف كروشية خطيرررررررة بالباترون
الإثنين مارس 27, 2017 5:07 am من طرف شعاع النور
» موسوعة وحدات كروشية على شكل أدوات مطبخ بالباترون
الإثنين مارس 20, 2017 6:48 pm من طرف ام الحنون
» شنطة حلوووووة من تيشيرت قديم
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:48 pm من طرف ماردين
» تفنني بخياطه فستان ناعم لنفسك بدون باترون والطريقة بالفيديو
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:46 pm من طرف ماردين
» خياطة تنورة قصيرة بكرانيش بدون باترون آخر انوووووثة ( فيديو )
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:24 pm من طرف ماردين
» من بوكسر زوجك اعملي تنورة امووووووووورة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:21 pm من طرف ماردين
» التيشيرت الساحر فصلي منه 10 موديلات منتهى البساطة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 5:56 pm من طرف ماردين
» لون وتعلم المحافظة على آداب الطعام
السبت فبراير 25, 2017 9:12 pm من طرف هدى ؟؟؟؟