\
- عبدالله المغلوث
ذوو الاحتياجات الخاصة لا يحتاجون فقط إلى بنية تحتية للمرافق والمنشآت التي تتلاءم مع ظروفهم ومتطلباتهم. لكنهم بحاجة إلى أن نشيد لهم بنية تحتية للسلوكيات والأخلاقيات والفرص
فور أن خرجنا من الحرم اختبأ طفل في الخامسة من عمره خلف أمه وهو يرتعش هلعا. سألها وهو يغطي وجهه بعباءتها عن يدي الفتاة الصغيرة المفقودتين التي تسير أمامهما. فأجابته أمه قائلة: "أخذهما الله لأنها لا تشرب الحليب. فاحذر أن تصبح مثلها".
وفي مطعم بالخبر شاهدت أباً يحاول إطعام ابنه بالقوة. كان يحاول أن يفتح فم طفله عنوة. يضربه، ويقول له بصوت عال: "إن لم تأكل فسيلتهم الحرامي أطرافك ليلا وستتحرك بكرسي متحرك مثل ابن خالك".
ولا أنسى كيف كنا نهرب من ابن الجيران الذي يعاني من مشاكل في النطق والحركة كلما اقترب من الحديقة التي نرتادها. كنا نلوذ بالفرار فور أن نشاهده خشية أن ينقض علينا ويأكلنا الواحد تلو الآخر.
تربينا ونحن صغار على أن الإعاقة عقوبة أنزلها الله على كل من ابتلي بها. وعندما كبرنا أصبحنا نهدد بها أطفالنا إذا لم يأكلوا أو لم يشربوا. هذه التنشئة المبكرة الخاطئة جعلت ذوي الاحتياجات الخاصة غرباء في أوطانهم العربية. منبوذون ومطرودون من المجتمع. محاصرون بنظرات الشفقة والتهكم والخوف.
ذوو الاحتياجات الخاصة لا يحتاجون فقط إلى بنية تحتية للمرافق والمنشآت التي تتلاءم مع ظروفهم ومتطلباتهم. لكنهم بحاجة إلى أن نشيد لهم بنية تحتية للسلوكيات والأخلاقيات والفرص في المجتمع تسهم في تدفقهم واندماجهم فيه.
البداية يجب أن تبدأ من الأطفال. أن نشرح لهم أن هذا ابتلاء من الله سبحانه وتعالى وامتحان وليس عقوبة وامتهانا. وأننا كلنا معرضون صغارا وكبارا لنفس ظروفهم. وأن الحياة لا تتوقف عند إصابتنا أو مرضنا. والأهم من الكلام هو خوض التجربة والعمل على تعريفهم بأصدقاء من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ ليدركوا أنهم لا يقلون شأنا عنهم بل ربما يتفوقون عليهم بعزيمتهم وإرادتهم.
مدرسة سويس كاتج اس اي ان لذوي الاحتياجات الخاصة بلندن تقدم برنامجا مذهلا لتعزيز التواصل بين طلاب المدرسة والمحيط الخارجي. تفتح أبوابها لساعات محدودة أسبوعيا لضيوفها لزيارة ذوي الاحتياجات الخاصة. أتيحت لي شخصيا فرصة زيارة هذه المدرسة وانبهرت بما رأيت. مئات المتطوعين الصغار يملؤون الفصول والقاعات والملاعب. يلعبون ويلهون ويعدون الطعام لأترابهم محاطين بالسعادة والحماسة وصور المشاهير من ذوي الاحتياجات الخاصة كديفيد بلانكيت وهينري فورد وستيفن هوكينج. يقول كريس (15 عاما) القادم من بورتسموث، جنوب شرق إنجلترا، وهو ينظف الطاولات بعد وجبة الغداء: "إنني لا أساعد زملائي هنا بل هم يساعدونني. هل تشاهد آدم هناك. إنه بارع في الرياضيات. بسببه حصلت على درجة كاملة في الفصل الماضي وبسببه أيضا سأكون هنا دائما".
آدم (16 عاما) أحد المصابين بشلل نصفي. لكنه مصاب أيضا بالإبداع. لديه موهبة فائقة في الرياضيات وكتاب سيصدر حديثا عن صداقته بالأرقام بعنوان: "كيف أصبحت رقما؟".
وفي نفس المدرسة شاهدت فتاة مصرية بارعة اسمها فاطمة. لديها موهبة كبيرة في البرمجة وتطبيقات الكمبيوتر رغم أنها لم تكمل الأربعة عشر عاما. تعاقدت معها شركة ديل الأمريكية للعمل معها ابتداء من العام المقبل. تقول أمها التي ترافقها في بريطانيا: "ابنتي سعيدة جدا هنا. كدت أن أخسرها بعد ان فقدت قدمها في حادث سير. كان الأطفال يهربون منها في القاهرة. لكن الآن في لندن صاروا يركضون نحوها". الأطفال هم ثمارنا. فلا ننتظر منهم أن يصبحوا صالحين دون أن نرويهم إيجابية ونملؤهم محبة.
يقول الكاتب الأمريكي مايكل أندرسون: "إن الإعاقة نعمة. انظروا ماذا قدم توماس أديسون، وألكسندر جراهام بيل، وألبرت أينشتاين للبشرية. هل تعتقدون أنه سيكون بوسعهم أن يقدموا تلك الأعمال العظيمة لو خلقوا مثلنا؟". شعوب العالم برمتها تقدر ذوي الاحتياجات الخاصة وتثمن عطاءهم في حين نواصل قدحنا لهم بشكل مباشر أو غير مباشر. نروع بهم أطفالنا ونطفئ أملهم. إنهم لا يحتاجون إلى شفقتنا. يحتاجون فقط إلى حقوقهم، أن نتعامل معهم بمساواة ولا نتهكم عليهم. أهذا صعب؟
http://www.alwatan.com.sa/Articles/D...?ArticleId=608
__________________
أخذ الله يديها لأنها لا تشرب الحليب!
- عبدالله المغلوث
ذوو الاحتياجات الخاصة لا يحتاجون فقط إلى بنية تحتية للمرافق والمنشآت التي تتلاءم مع ظروفهم ومتطلباتهم. لكنهم بحاجة إلى أن نشيد لهم بنية تحتية للسلوكيات والأخلاقيات والفرص
فور أن خرجنا من الحرم اختبأ طفل في الخامسة من عمره خلف أمه وهو يرتعش هلعا. سألها وهو يغطي وجهه بعباءتها عن يدي الفتاة الصغيرة المفقودتين التي تسير أمامهما. فأجابته أمه قائلة: "أخذهما الله لأنها لا تشرب الحليب. فاحذر أن تصبح مثلها".
وفي مطعم بالخبر شاهدت أباً يحاول إطعام ابنه بالقوة. كان يحاول أن يفتح فم طفله عنوة. يضربه، ويقول له بصوت عال: "إن لم تأكل فسيلتهم الحرامي أطرافك ليلا وستتحرك بكرسي متحرك مثل ابن خالك".
ولا أنسى كيف كنا نهرب من ابن الجيران الذي يعاني من مشاكل في النطق والحركة كلما اقترب من الحديقة التي نرتادها. كنا نلوذ بالفرار فور أن نشاهده خشية أن ينقض علينا ويأكلنا الواحد تلو الآخر.
تربينا ونحن صغار على أن الإعاقة عقوبة أنزلها الله على كل من ابتلي بها. وعندما كبرنا أصبحنا نهدد بها أطفالنا إذا لم يأكلوا أو لم يشربوا. هذه التنشئة المبكرة الخاطئة جعلت ذوي الاحتياجات الخاصة غرباء في أوطانهم العربية. منبوذون ومطرودون من المجتمع. محاصرون بنظرات الشفقة والتهكم والخوف.
ذوو الاحتياجات الخاصة لا يحتاجون فقط إلى بنية تحتية للمرافق والمنشآت التي تتلاءم مع ظروفهم ومتطلباتهم. لكنهم بحاجة إلى أن نشيد لهم بنية تحتية للسلوكيات والأخلاقيات والفرص في المجتمع تسهم في تدفقهم واندماجهم فيه.
البداية يجب أن تبدأ من الأطفال. أن نشرح لهم أن هذا ابتلاء من الله سبحانه وتعالى وامتحان وليس عقوبة وامتهانا. وأننا كلنا معرضون صغارا وكبارا لنفس ظروفهم. وأن الحياة لا تتوقف عند إصابتنا أو مرضنا. والأهم من الكلام هو خوض التجربة والعمل على تعريفهم بأصدقاء من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ ليدركوا أنهم لا يقلون شأنا عنهم بل ربما يتفوقون عليهم بعزيمتهم وإرادتهم.
مدرسة سويس كاتج اس اي ان لذوي الاحتياجات الخاصة بلندن تقدم برنامجا مذهلا لتعزيز التواصل بين طلاب المدرسة والمحيط الخارجي. تفتح أبوابها لساعات محدودة أسبوعيا لضيوفها لزيارة ذوي الاحتياجات الخاصة. أتيحت لي شخصيا فرصة زيارة هذه المدرسة وانبهرت بما رأيت. مئات المتطوعين الصغار يملؤون الفصول والقاعات والملاعب. يلعبون ويلهون ويعدون الطعام لأترابهم محاطين بالسعادة والحماسة وصور المشاهير من ذوي الاحتياجات الخاصة كديفيد بلانكيت وهينري فورد وستيفن هوكينج. يقول كريس (15 عاما) القادم من بورتسموث، جنوب شرق إنجلترا، وهو ينظف الطاولات بعد وجبة الغداء: "إنني لا أساعد زملائي هنا بل هم يساعدونني. هل تشاهد آدم هناك. إنه بارع في الرياضيات. بسببه حصلت على درجة كاملة في الفصل الماضي وبسببه أيضا سأكون هنا دائما".
آدم (16 عاما) أحد المصابين بشلل نصفي. لكنه مصاب أيضا بالإبداع. لديه موهبة فائقة في الرياضيات وكتاب سيصدر حديثا عن صداقته بالأرقام بعنوان: "كيف أصبحت رقما؟".
وفي نفس المدرسة شاهدت فتاة مصرية بارعة اسمها فاطمة. لديها موهبة كبيرة في البرمجة وتطبيقات الكمبيوتر رغم أنها لم تكمل الأربعة عشر عاما. تعاقدت معها شركة ديل الأمريكية للعمل معها ابتداء من العام المقبل. تقول أمها التي ترافقها في بريطانيا: "ابنتي سعيدة جدا هنا. كدت أن أخسرها بعد ان فقدت قدمها في حادث سير. كان الأطفال يهربون منها في القاهرة. لكن الآن في لندن صاروا يركضون نحوها". الأطفال هم ثمارنا. فلا ننتظر منهم أن يصبحوا صالحين دون أن نرويهم إيجابية ونملؤهم محبة.
يقول الكاتب الأمريكي مايكل أندرسون: "إن الإعاقة نعمة. انظروا ماذا قدم توماس أديسون، وألكسندر جراهام بيل، وألبرت أينشتاين للبشرية. هل تعتقدون أنه سيكون بوسعهم أن يقدموا تلك الأعمال العظيمة لو خلقوا مثلنا؟". شعوب العالم برمتها تقدر ذوي الاحتياجات الخاصة وتثمن عطاءهم في حين نواصل قدحنا لهم بشكل مباشر أو غير مباشر. نروع بهم أطفالنا ونطفئ أملهم. إنهم لا يحتاجون إلى شفقتنا. يحتاجون فقط إلى حقوقهم، أن نتعامل معهم بمساواة ولا نتهكم عليهم. أهذا صعب؟
http://www.alwatan.com.sa/Articles/D...?ArticleId=608
__________________
الأربعاء أكتوبر 10, 2018 11:21 am من طرف salmosa1
» موسوعة شيلان كروشية بالباترون
الخميس سبتمبر 06, 2018 8:24 pm من طرف ام ايه والى
» الحروف العربية ( الأبجدية ) مع الصور للتلوين
الخميس فبراير 08, 2018 2:14 pm من طرف يحيي
» أكثر من 30 رسمة للتلوين لغرس السلوكيات الإسلامية
الجمعة يناير 26, 2018 6:55 am من طرف wided-algerie
» نمي مهارات طفلك الحسابية واليدوية مع لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة
الإثنين يناير 22, 2018 3:53 pm من طرف أم بناتها
» كتيب اعمال يدويةو فنية للاطفال
السبت يناير 20, 2018 2:11 am من طرف wided-algerie
» موسوعة كوفيات الكروشية (crochet scarfs ) بالباترون
الثلاثاء يناير 16, 2018 9:58 pm من طرف yokeioa
» لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة لتنمية ذكاء الاطفال
الأحد يناير 07, 2018 2:34 pm من طرف أم بناتها
» جاكيت طويل شتوي بالكروشية مع الباترون
الخميس يناير 04, 2018 7:24 pm من طرف atikaaa
» علب مناديل بالخرز 3 موديلات بالباترون
الأربعاء يونيو 07, 2017 5:11 am من طرف فتح الفتوح
» توب كله انوووووووووووثه من عمل ايديك
السبت مايو 20, 2017 8:36 pm من طرف ام ايه والى
» 6 مفارش كروشية مستديرة وخطيرة بالباترون
السبت مايو 20, 2017 8:31 pm من طرف ام ايه والى
» من بنطلون قديم وتيشرت اعملي توب راااااائع كله انوووووثه
السبت مايو 20, 2017 8:27 pm من طرف ام ايه والى
» 4 وحدات يعملوا جيليه رووووووعة بالكروشية مع الباترون
السبت مايو 20, 2017 8:14 pm من طرف ام ايه والى
» جيليه يضفي على ملابسك شياااااااااكة كروشية بالباترون
السبت مايو 20, 2017 7:45 pm من طرف ام ايه والى
» باليرو ررررررررررررررقة كروشية بالباترون
السبت أبريل 22, 2017 4:59 am من طرف Aya tarek
» الأرقام الانجليزية من ( 1 - 10 ) للتلوين
السبت أبريل 08, 2017 1:18 am من طرف vimto
» 4 مفارش ايتامين لها حواف كروشية خطيرررررررة بالباترون
الإثنين مارس 27, 2017 5:07 am من طرف شعاع النور
» موسوعة وحدات كروشية على شكل أدوات مطبخ بالباترون
الإثنين مارس 20, 2017 6:48 pm من طرف ام الحنون
» شنطة حلوووووة من تيشيرت قديم
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:48 pm من طرف ماردين
» تفنني بخياطه فستان ناعم لنفسك بدون باترون والطريقة بالفيديو
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:46 pm من طرف ماردين
» خياطة تنورة قصيرة بكرانيش بدون باترون آخر انوووووثة ( فيديو )
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:24 pm من طرف ماردين
» من بوكسر زوجك اعملي تنورة امووووووووورة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:21 pm من طرف ماردين
» التيشيرت الساحر فصلي منه 10 موديلات منتهى البساطة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 5:56 pm من طرف ماردين
» لون وتعلم المحافظة على آداب الطعام
السبت فبراير 25, 2017 9:12 pm من طرف هدى ؟؟؟؟