\
ما أعظمَ أن يكون الإنسان معتمدًا على ربِّه ثم نفسه في بناء ذاته وتكوين شخصيته وصياغة مستقبله! وما أجمل ألا يكون اتِّكاليًّا على غيره من أبٍ أو أمٍّ أو خادمٍ أو غيرهم في تأمين حاجاته، وتلبية رغباته، وتنفيذ مشاريعه وخُططه، ومعتمدًا على الآخرين في حلِّ مشكلاته والتغلُّب على الصِّعاب التي تواجهه في هذه الحياة، ذاك إنسانٌ كما تقول العرب: عِصامي،
وقديمًا قالوا: "كُن عصاميًّا، ولا تكن عظاميًّا"؛ أي: اعْتَمِد على نفسك في بناء صروح مجدك، ولا تعتمد على أمجاد الآباء والأجداد، ولا تتكل على ما تركوه لك من مجدٍ مؤثَّل وفخر جَلي؛ فهو كالثوب المستعار لا يقيك من حرٍّ ولا قرٍّ.
وأصل هذا المثل - كُن عصاميًّا ولا تكن عظاميًّا - أن حاجبًا "للنعمان بن المنذر" ملك الحِيرة العربي من قِبَل "كِسرى" واسمه "عصام بن شهر" وقيل: "شهبر"، بلغت به هِمَّته أن نال ذُرا المجد، وتربَّع على عرش الفصاحة والبلاغة، وعُدَّ من أعلام العرب أيام الجاهلية، حتى قال فيه النابغة الذبياني صاحب المعلقة الشهيرة:
نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَامَا وَعَلَّمَتْهُ الْكَرَّ وَالإِقْدَامَا
وَصَيَّرَتْهُ مَلِكًا هُمَامَا حَتَّى عَلاَ وَجَاوَزَ الأَقْوَامَا
ومِن هناك قالت العرب: كُن عصاميًّا ولا تكن عظاميًّا؛ أي: افْخَر بشرف نفسك لا بعظام أجدادك.
هذه المعاني الفريدة دفعت أحدهم للقول:
وسأضع القارئ الكريم أمام مثالين: أحدهما من عصر الصحابة، والآخر من عصرنا الحيِّ الذي نحياه ونعيشه اليوم، مثالان يدللان على رِفعة مَن بنى نفسه بنفسه وعُلُو شأنه في الحياة.
شموخ وعصاميَّة:
أما المثال الأول: فهو عبدالرحمن بن عوف ذلك الصحابي الجليل الذي آخى النبي - عليه الصلاة والسلام - بينه وبين الأنصاري سعد بن الربيع، فعرض عليه سعد وبمقتضى الأخوَّة التي قامت بينه وبين عبدالرحمن - وكان عبدالرحمن فقيرًا لا شيء له - أن يشاطره نعمته، وأن يُطلِّق له أحسن زوجتيه.
فهل يرضى عبدالرحمن بذلك؟ لقد علَّمهم قائدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العِزَّة والثقة بالنفس والاعتماد على الله في إدارة شؤون الحياة وحلِّ مشكلاتها، قال له: بارك الله لك في أهلك ومالك، ولكن دُلَّني على السوق.
فذهب، فباع واشترى، وربح، ثم لم ينشب أن صارَ معه دراهم، فتزوَّج امرأة على زِنَةِ نواة من ذهب، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد رأى عليه أثرًا من صفرة: ((أَوْلِمْ ولو بشاةٍ))، ثم آل أمرُه في التجارة إلى ما آل[1].
عصاميَّة فريدة:
أما المثال الثاني، فهو رجلٌ غير مسلم، ولا حَرَجَ في أن نأخذَ الحِكْمة من غير المسلمين ما كانت خيرًا؛ فقد استقى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكرة الخندق من الفُرْس نظرًا للمصلحة في ذلك، هذا الرجل هو "بيل غيتس"، ومن لا يعرف "بيل غيتس"، الرجل الذي اقترن اسمه "بالكمبيوتر" وبشركة "مايكروسوفت" العالمية.
هذا الرجل ولد عام 1955 في "سياتل" في الولايات المتحدة الأمريكية لأسرة غنيَّة وثريَّة ثراءً فاحشًا، لكنه رفض أن يعتمد على عظام أُسرته، وأبى أن يستخدم دولارًا واحدًا في بناء إمبراطوريته العظيمة، أسَّس في عام 1969 شركة باسم "مجموعة مبرمجي ليك سايد للكمبيوتر"، وأخذ يطوِّر نفسه ويبتكر برامجَ جديدة حتى شيَّد شركة "مايكروسوفت" العِمْلاقة وأدخلها سوق الأَسْهُم سنة 1986م، واليوم أصبح "بيل غيتس" أغنى رجل في العالم.
فهل نعي هذه الحقيقة ونزرعها كمفهوم وأدبٍ راقٍ في عقول وقلوب أولادنا، بعد أن نتحلَّى بها ونقيمها في ذواتنا مقامَ الخُلُق الذي لا يَتحوَّل ولا يزول؟
نفس عصام سودت عصامًا
ياسر مصطفى يوسف
ياسر مصطفى يوسف
ما أعظمَ أن يكون الإنسان معتمدًا على ربِّه ثم نفسه في بناء ذاته وتكوين شخصيته وصياغة مستقبله! وما أجمل ألا يكون اتِّكاليًّا على غيره من أبٍ أو أمٍّ أو خادمٍ أو غيرهم في تأمين حاجاته، وتلبية رغباته، وتنفيذ مشاريعه وخُططه، ومعتمدًا على الآخرين في حلِّ مشكلاته والتغلُّب على الصِّعاب التي تواجهه في هذه الحياة، ذاك إنسانٌ كما تقول العرب: عِصامي،
وقديمًا قالوا: "كُن عصاميًّا، ولا تكن عظاميًّا"؛ أي: اعْتَمِد على نفسك في بناء صروح مجدك، ولا تعتمد على أمجاد الآباء والأجداد، ولا تتكل على ما تركوه لك من مجدٍ مؤثَّل وفخر جَلي؛ فهو كالثوب المستعار لا يقيك من حرٍّ ولا قرٍّ.
وأصل هذا المثل - كُن عصاميًّا ولا تكن عظاميًّا - أن حاجبًا "للنعمان بن المنذر" ملك الحِيرة العربي من قِبَل "كِسرى" واسمه "عصام بن شهر" وقيل: "شهبر"، بلغت به هِمَّته أن نال ذُرا المجد، وتربَّع على عرش الفصاحة والبلاغة، وعُدَّ من أعلام العرب أيام الجاهلية، حتى قال فيه النابغة الذبياني صاحب المعلقة الشهيرة:
نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَامَا وَعَلَّمَتْهُ الْكَرَّ وَالإِقْدَامَا
وَصَيَّرَتْهُ مَلِكًا هُمَامَا حَتَّى عَلاَ وَجَاوَزَ الأَقْوَامَا
ومِن هناك قالت العرب: كُن عصاميًّا ولا تكن عظاميًّا؛ أي: افْخَر بشرف نفسك لا بعظام أجدادك.
هذه المعاني الفريدة دفعت أحدهم للقول:
كُنْ إبْنَ مَنْ شِئْتَ وَاكْتَسِبْ أَدَبًا
يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ
إِنَّ الْفَتَى مَنْ يَقُولُ هَا أَنَا ذَا
لَيْسَ الْفَتَى مَنْ يَقُولُ كَانَ أَبِي
يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ
إِنَّ الْفَتَى مَنْ يَقُولُ هَا أَنَا ذَا
لَيْسَ الْفَتَى مَنْ يَقُولُ كَانَ أَبِي
وسأضع القارئ الكريم أمام مثالين: أحدهما من عصر الصحابة، والآخر من عصرنا الحيِّ الذي نحياه ونعيشه اليوم، مثالان يدللان على رِفعة مَن بنى نفسه بنفسه وعُلُو شأنه في الحياة.
شموخ وعصاميَّة:
أما المثال الأول: فهو عبدالرحمن بن عوف ذلك الصحابي الجليل الذي آخى النبي - عليه الصلاة والسلام - بينه وبين الأنصاري سعد بن الربيع، فعرض عليه سعد وبمقتضى الأخوَّة التي قامت بينه وبين عبدالرحمن - وكان عبدالرحمن فقيرًا لا شيء له - أن يشاطره نعمته، وأن يُطلِّق له أحسن زوجتيه.
فهل يرضى عبدالرحمن بذلك؟ لقد علَّمهم قائدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العِزَّة والثقة بالنفس والاعتماد على الله في إدارة شؤون الحياة وحلِّ مشكلاتها، قال له: بارك الله لك في أهلك ومالك، ولكن دُلَّني على السوق.
فذهب، فباع واشترى، وربح، ثم لم ينشب أن صارَ معه دراهم، فتزوَّج امرأة على زِنَةِ نواة من ذهب، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد رأى عليه أثرًا من صفرة: ((أَوْلِمْ ولو بشاةٍ))، ثم آل أمرُه في التجارة إلى ما آل[1].
عصاميَّة فريدة:
أما المثال الثاني، فهو رجلٌ غير مسلم، ولا حَرَجَ في أن نأخذَ الحِكْمة من غير المسلمين ما كانت خيرًا؛ فقد استقى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكرة الخندق من الفُرْس نظرًا للمصلحة في ذلك، هذا الرجل هو "بيل غيتس"، ومن لا يعرف "بيل غيتس"، الرجل الذي اقترن اسمه "بالكمبيوتر" وبشركة "مايكروسوفت" العالمية.
هذا الرجل ولد عام 1955 في "سياتل" في الولايات المتحدة الأمريكية لأسرة غنيَّة وثريَّة ثراءً فاحشًا، لكنه رفض أن يعتمد على عظام أُسرته، وأبى أن يستخدم دولارًا واحدًا في بناء إمبراطوريته العظيمة، أسَّس في عام 1969 شركة باسم "مجموعة مبرمجي ليك سايد للكمبيوتر"، وأخذ يطوِّر نفسه ويبتكر برامجَ جديدة حتى شيَّد شركة "مايكروسوفت" العِمْلاقة وأدخلها سوق الأَسْهُم سنة 1986م، واليوم أصبح "بيل غيتس" أغنى رجل في العالم.
فهل نعي هذه الحقيقة ونزرعها كمفهوم وأدبٍ راقٍ في عقول وقلوب أولادنا، بعد أن نتحلَّى بها ونقيمها في ذواتنا مقامَ الخُلُق الذي لا يَتحوَّل ولا يزول؟
الأربعاء أكتوبر 10, 2018 11:21 am من طرف salmosa1
» موسوعة شيلان كروشية بالباترون
الخميس سبتمبر 06, 2018 8:24 pm من طرف ام ايه والى
» الحروف العربية ( الأبجدية ) مع الصور للتلوين
الخميس فبراير 08, 2018 2:14 pm من طرف يحيي
» أكثر من 30 رسمة للتلوين لغرس السلوكيات الإسلامية
الجمعة يناير 26, 2018 6:55 am من طرف wided-algerie
» نمي مهارات طفلك الحسابية واليدوية مع لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة
الإثنين يناير 22, 2018 3:53 pm من طرف أم بناتها
» كتيب اعمال يدويةو فنية للاطفال
السبت يناير 20, 2018 2:11 am من طرف wided-algerie
» موسوعة كوفيات الكروشية (crochet scarfs ) بالباترون
الثلاثاء يناير 16, 2018 9:58 pm من طرف yokeioa
» لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة لتنمية ذكاء الاطفال
الأحد يناير 07, 2018 2:34 pm من طرف أم بناتها
» جاكيت طويل شتوي بالكروشية مع الباترون
الخميس يناير 04, 2018 7:24 pm من طرف atikaaa
» علب مناديل بالخرز 3 موديلات بالباترون
الأربعاء يونيو 07, 2017 5:11 am من طرف فتح الفتوح
» توب كله انوووووووووووثه من عمل ايديك
السبت مايو 20, 2017 8:36 pm من طرف ام ايه والى
» 6 مفارش كروشية مستديرة وخطيرة بالباترون
السبت مايو 20, 2017 8:31 pm من طرف ام ايه والى
» من بنطلون قديم وتيشرت اعملي توب راااااائع كله انوووووثه
السبت مايو 20, 2017 8:27 pm من طرف ام ايه والى
» 4 وحدات يعملوا جيليه رووووووعة بالكروشية مع الباترون
السبت مايو 20, 2017 8:14 pm من طرف ام ايه والى
» جيليه يضفي على ملابسك شياااااااااكة كروشية بالباترون
السبت مايو 20, 2017 7:45 pm من طرف ام ايه والى
» باليرو ررررررررررررررقة كروشية بالباترون
السبت أبريل 22, 2017 4:59 am من طرف Aya tarek
» الأرقام الانجليزية من ( 1 - 10 ) للتلوين
السبت أبريل 08, 2017 1:18 am من طرف vimto
» 4 مفارش ايتامين لها حواف كروشية خطيرررررررة بالباترون
الإثنين مارس 27, 2017 5:07 am من طرف شعاع النور
» موسوعة وحدات كروشية على شكل أدوات مطبخ بالباترون
الإثنين مارس 20, 2017 6:48 pm من طرف ام الحنون
» شنطة حلوووووة من تيشيرت قديم
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:48 pm من طرف ماردين
» تفنني بخياطه فستان ناعم لنفسك بدون باترون والطريقة بالفيديو
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:46 pm من طرف ماردين
» خياطة تنورة قصيرة بكرانيش بدون باترون آخر انوووووثة ( فيديو )
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:24 pm من طرف ماردين
» من بوكسر زوجك اعملي تنورة امووووووووورة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:21 pm من طرف ماردين
» التيشيرت الساحر فصلي منه 10 موديلات منتهى البساطة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 5:56 pm من طرف ماردين
» لون وتعلم المحافظة على آداب الطعام
السبت فبراير 25, 2017 9:12 pm من طرف هدى ؟؟؟؟