انتشر
بيننا هذا السؤال : كيف نحقق الربانية ؟ وها هي
أيام التربية قد جاءتنا , فالتربية في حقيقتها منسوبة للرب , وقد عرفها
العلماء بأنها الوصول بالأمر شيئا فشيئا إلى الكمال , ولما كان الكمال لله
وحده اتفق خبراء التربية على عبارة : مناشدة الكمال , ومن ثم كان العزم
والتشمير والاجتهاد والسعي والعمل والتصميم والإرادة هي الطريق الوحيد
لمناشدة الكمال , وبالتالي تحقيق التربية .
ومعنى أن تربي نفسك إجمالاً هو التعرض لنفحات الله وعطاياه المستمرة
, فنفحات الله ومننه وأنواره نازلة نازلة , فإن وجدت قلوباً متيقظة
وأرواحاً نشطة ونفوساً فتية , استقرت بها ونال صاحبها الرضا , ورحبت الدنيا
في قلبه , واتسع الكون في روحه , فنهض نحو التغيير والسلوك القويم , ولذلك
كانت وصية المصطفي صلى الله عليه وسلم : ( إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها ) , والتعرض
لها هو العزم والإرادة والتصميم في توجهنا إليها , فهي فرصة للاغتنام ,
فالغنيمة في الحرب لا تكون إلا بعد عناء ومعاناة , كذلك هذه الأيام
المباركات .
وقد تأملت في الطاعات
الكثيرة : من صيام وقرآن ونوافل وسنن وصدقات
واستعداد للعيد وإسعاد للمجتمع وتقديم الخدمات واتصال دائم بالله من قيام
ليل ومناجاة وذكر ودعاء .....
فقلت : إن الله فضل هذه الأيام فأقسم بها في قرآنه : ( والفجر وليال عشر ) ودعا لمناجاته فيها : ( واذكروا اسم الله في أيام معلومات ) يقول
ابن عباس : إنها العشر الأوائل من ذي الحجة
.
فقد جاء كل ذلك من
أجل هدف يريده الله لكل مسلم في حياته اليومية , وهي على صعيدين :
الأول : ما نراه من مشاهد الأمة وقد جاءت
من كل فج عميق لتؤدي مناسك الحج الواحدة , وتعظم شعائر بعينها , ثم
يعودون وكل منهم مولود جديد ينبؤ بميلاد جديد للأمة , فنتعلم من المشاهد
أمرين بهما نبدأ عاما جديدا بصفحة بيضاء وهما :
1 – الانشغال بالآخرة :
وهو ما يخفف علينا عمل الدنيا والسعي
والاكتساب والكبد , وكيف نجعل ذلك بابً للآخرة مصداقاً لقول السلف : ( من نافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة
) فها هو وفد الله لا ينشغل إلا بالآخرة , وهذه رسالة واضحة لكل مسلم لم
يحج , وهذا الانشغال بالآخرة هو منة من الله وفضل لعباده : ( إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ) .
2 – التشمير للجنة :
ففي كل ما نراه من أعمال الحج ومشاهده مشقة
وعناء ومكابدة في القدوم والطواف والمبيت بمنى والسعي ورمي الجمرات وكأنها
تقول لنا في رسالتها : الجنة الغالية تنتظرك فماذا أعددت لها ؟!.
كان النبي يقول لصحابته : ألا من مشمر للجنة ؟
فيقولون : نحن المشمرون لها ؟ فيقول لهم النبي : قولوا إن شاء الله .
أي بالاجتهاد والتشمير وليست بالراحة والدعة ,
وإن كان هذا الرد النبوي لصحابته الكرام فبماذا نحن نتلقى هذا الرد النبوي
وحالنا كما نري ؟
الصعيد الثاني : على
مستوى حياتنا اليومية فهذه أيام تربية ننشد فيها
الكمال عسى الله أن يكتب لنا المغفرة فهي الطريق الأوحد إلى الجنة يقول
تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة
عرضها السموات والأرض أعددت للمتقين ) , ونجمل أيام التربية في
التالي :
1 - تربية
النفوس :
بهذه الطاعات وأثرها في النفس , فتعطينا طاقة
وزاداً نواجه به معارك الحياة , إن الطاعة لا تتحقق إلا حينما تكون خالصة
لله , ويكون لها أثر في المجتمع والحياة , فإن لم يكن لها أثر في تغيير
السلوك وإصلاح المجتمع فيجب مراجعة إخلاصها لله , وإن لم يكن لها أثر في
الأنس بها والانشراح لها وزيادة الإيمان وانفساح القلوب , فيجب مراجعة
إخلاصها لله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين
إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم
يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا
) .
فإن تحققت النفوس بالأمرين السابقين كان
يسيرا عليها طاعة الناس كما أمر الله مثل : بر الوالدين وطاعة الزوجة
لزوجها والمرءوس لرئيسه والجندي للقائد والتلميذ لأستاذه , وهذا هو سر قول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا
طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) وبذلك نجعل هذه الأيام تربية للنفس
على الطاعة في مواجهة معارك الحياة .
2 – تغيير نمط الحياة :
الملل والانسحاب والسلبية والهزيمة الداخلية
وضعف الإيمان وغير ذلك مما بات شكوى الناس اليوم , يرجع إلى رتابة حياتهم
وعدم التجديد , فالقلوب تصدأ , والأرواح يخبو ضوءها , والنفوس تتراجع وتضعف
, فلماذا لا نقوم بنسف المعين لكل هذه المظاهر؟ , بتغيير نمط حياتنا , وها
هي فرصة هذه الأيام , بهذا النوع التربوي الفائق فأبواب الطاعات مفتحة و
أنواعها متغيرة , تتناغم مع الكون المتغير الطائع دائما , فتحدث حالات
انسجام , بعدها يفوز كل مسلم بتغيير عاداته , والتحكم في انفعالاته ,
والسيطرة على نفسه , مما يجعله يبدأ عاما جديدا بنشوة المنتصر على نفسه ,
ومنها يكون انتصاره سهلا على أزمات الحياة .
3 – تواصل مع الله
تعالي :
إن كان النبي قد حدد ( العمل الصالح ) بعلو أجره على الجهاد في هذه
الأيام , فما ذلك إلا لأن العمل الصالح له ما قبله وما فيه وما بعده , فما
قبله نية وهمة , وما فيه صدق وعدم رياء , وما بعده خوف ورجاء في أن يقبل
الله العمل , وهكذا يكون المسلم في كل لحظاته أمام الأبواب المفتحة :
ينقلها إلى عبودية خالصة لله تعالى : ( وما
أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) وبهذا المفتاح تتحول
العادات إلى عبادات , والإداريات إلى طاعات , والأعمال إلى عبودية خالصة ,
أليس في هذا تدريب علي التواصل الدائم بالله في أيام التربية .
4 – تنافس تربوي :
طاقات الإنسان المكنونة تريد أن تنطلق ,
وتعود على صاحبها بكل خير , وبتنوع أنواع الطاعات تنطلق الطاقات وتتحرر
القدرات في بيئة جعلها الله مهيأة لمنافسة حقيقية : ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) ومعني ( وفي ذلك ) : العمل
الصالح والعمل للآخرة والطاعات المنوعة والتشمير للجنة ,
ومع افتقادنا اليوم للبيئة التربوية والمناخ التربوي الصالح للمنافسة ,
فهذا عطاء من الله لنا , وفرصة للتنافس التربوي الخالص في بيئة ربانية تصنع
على عين الله ورعايته .
5 – شمول التربية :
( العمل
الصالح ) كلمة جامعة شاملة , وأثرها التربوي في النفس والمجتمع
والحياة والأمة ملموس ومرئي , فهذه العشر تأتي كتدريب مجاني على كسب خبرات
تربوية منوعة : من الفهم والاقتناع حتى التبني والممارسة , حيث الانطلاق
والسلوك العملي : فهي انسجام وتناغم وتطبيق في البيت مع الزوجات والأزواج
والأبناء , كما هي في العمل صلاح وإصلاح وعلاقات وصلات , كما هي مع الأقارب
بر وصلة وتقارب ومودة , كما هي مع المجتمع خدمات وتواصل وأخلاق : تحاب
وتآخي وتعاون وتسامح وتناصر وتفاهم وتكافل وتكامل , كما هي مع الأمة هم
واهتمام ومساندة ومجاهدة , فهل سأل كل منا نفسه بأي شيء استقبلت العشر ؟
مازالت الفرصة مستمرة , فإن كانت الإجابة نعم
فالحمد لله الذي أرشدنا إلى كل خير ولنستمر على ما من الله به علينا من
طاعات .
وإن لم يكن فمازالت الفرصة أمامنا في السرعة
بالتوبة الصادقة , والعزم على اغتنام ما تبقى من بركات هذه الأيام ,
ولنعلنها حرباً على المعاصي التي تأكل كل
ما سبق من طاعات , وليكن شعارنا قوله تعالي :
( والذين
جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ).
منقول :- ينابيع تربوية
الأربعاء أكتوبر 10, 2018 11:21 am من طرف salmosa1
» موسوعة شيلان كروشية بالباترون
الخميس سبتمبر 06, 2018 8:24 pm من طرف ام ايه والى
» الحروف العربية ( الأبجدية ) مع الصور للتلوين
الخميس فبراير 08, 2018 2:14 pm من طرف يحيي
» أكثر من 30 رسمة للتلوين لغرس السلوكيات الإسلامية
الجمعة يناير 26, 2018 6:55 am من طرف wided-algerie
» نمي مهارات طفلك الحسابية واليدوية مع لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة
الإثنين يناير 22, 2018 3:53 pm من طرف أم بناتها
» كتيب اعمال يدويةو فنية للاطفال
السبت يناير 20, 2018 2:11 am من طرف wided-algerie
» موسوعة كوفيات الكروشية (crochet scarfs ) بالباترون
الثلاثاء يناير 16, 2018 9:58 pm من طرف yokeioa
» لعبة وصل الأرقام واكتشف الصورة لتنمية ذكاء الاطفال
الأحد يناير 07, 2018 2:34 pm من طرف أم بناتها
» جاكيت طويل شتوي بالكروشية مع الباترون
الخميس يناير 04, 2018 7:24 pm من طرف atikaaa
» علب مناديل بالخرز 3 موديلات بالباترون
الأربعاء يونيو 07, 2017 5:11 am من طرف فتح الفتوح
» توب كله انوووووووووووثه من عمل ايديك
السبت مايو 20, 2017 8:36 pm من طرف ام ايه والى
» 6 مفارش كروشية مستديرة وخطيرة بالباترون
السبت مايو 20, 2017 8:31 pm من طرف ام ايه والى
» من بنطلون قديم وتيشرت اعملي توب راااااائع كله انوووووثه
السبت مايو 20, 2017 8:27 pm من طرف ام ايه والى
» 4 وحدات يعملوا جيليه رووووووعة بالكروشية مع الباترون
السبت مايو 20, 2017 8:14 pm من طرف ام ايه والى
» جيليه يضفي على ملابسك شياااااااااكة كروشية بالباترون
السبت مايو 20, 2017 7:45 pm من طرف ام ايه والى
» باليرو ررررررررررررررقة كروشية بالباترون
السبت أبريل 22, 2017 4:59 am من طرف Aya tarek
» الأرقام الانجليزية من ( 1 - 10 ) للتلوين
السبت أبريل 08, 2017 1:18 am من طرف vimto
» 4 مفارش ايتامين لها حواف كروشية خطيرررررررة بالباترون
الإثنين مارس 27, 2017 5:07 am من طرف شعاع النور
» موسوعة وحدات كروشية على شكل أدوات مطبخ بالباترون
الإثنين مارس 20, 2017 6:48 pm من طرف ام الحنون
» شنطة حلوووووة من تيشيرت قديم
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:48 pm من طرف ماردين
» تفنني بخياطه فستان ناعم لنفسك بدون باترون والطريقة بالفيديو
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:46 pm من طرف ماردين
» خياطة تنورة قصيرة بكرانيش بدون باترون آخر انوووووثة ( فيديو )
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:24 pm من طرف ماردين
» من بوكسر زوجك اعملي تنورة امووووووووورة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:21 pm من طرف ماردين
» التيشيرت الساحر فصلي منه 10 موديلات منتهى البساطة
الثلاثاء فبراير 28, 2017 5:56 pm من طرف ماردين
» لون وتعلم المحافظة على آداب الطعام
السبت فبراير 25, 2017 9:12 pm من طرف هدى ؟؟؟؟